close
الأخبار

ألمانيا : اعتـ.ـرافات مثـ.ـيرة للضابط النـ.ـازي الذي انتحـ.ـل شخصية لاجئ سوري ( القصة الكاملة )

الضابط الألماني فرانكو ألبريشت هو أول جندي من الجيش الألماني يحاكم بتـ.ـهمة الإرهـ.ـاب السياسي، وهو في نظر الصحافة رمز للنـ.ـازي الجديد الخـ.ـطِر الذي ابتـ.ـلي به الجيش الألماني،

لكنه ينفي هذه الاتهـ.ـامات ويقدم نفسه على أنه مواطن ثائـ.ـر تمت مقاضاته في جـ.ـريمة رأي، مصدرها الغضـ.ـب من قرار ألمانيا عام 2015 باستقبال ما يقارب مليوني مهاجر على أراضيها.

وقابلت صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية هذا الضابط الذي كان مقررا أن يذهب بمهمة في لواء المشـ.ـاة الفرنسي الألماني، وروى لها قصته المضـ.ـطربة، منذ أن طرق ذات مساء مخيما للاجئين على مرمى حجر من منزله، وقدم نفسه للحـ.ـارس الأمـ.ـني على أنه طالب لجـ.ـوء، دون أن يدري أنه بدأ بمسلسل جهـ.ـنمي.

وفي المقابلة التي أجراها معه بيير أفريل، قال ألبريشت إنه اقترب من مدخل المخيم بعد أن لوّن لحيته بالأسود وغيّر لون وجهه بمستحضرات من مكياج والدته، وقدم نفسه للحارس على أنه لاجئ سوري من دمشق، تائـ.ـه في ليل أوفنباخ ويطلب اللجـ.ـوء.

وأوضح الضابط السابق -الذي ستبدأ محاكمته يوم 18 مايو/أيار المقبل أمام محكمة فرانكفورت- أن القصد من فعلته كان إظهار مدى سهولة خـ.ـداع خدمات الهجرة الفـ.ـاشلة والحصول على وثائق مزورة في ألمانيا السخية تحت قيـ.ـادة المستشارة أنجيلا ميركل، في وقت استقبلت فيه أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين والأفغان، “أردت أن أتحقق شخصيا من مدى استغـ.ـلال السلطات الألمانية لمفهوم اللجـ.ـوء على حسـ.ـاب الأمن”.

وفضلًا عن السـ.ـرقة والنصـ.ـب، فإن التهـ.ـمة الرئيسة الثقـ.ـيلة التي يواجـ.ـهها ألبريشت -حسب محاوره- هي “الإعداد لعمل عنـ.ـف خطِـ.ـر ضـ.ـد الدولة، وانتهـ.ـاك قانون الأسـ.ـلحة والمتفـ.ـجرات”، وهي جـ.ـرائم يعـ.ـاقب عليها بالسـ.ـجن 10 سنوات كحد أقصى.

وحسب شكوك المحققين، فإن شخصية اللاجئ السوري المزيـ.ـفة لم تكن إلا جزءا من خطة ميكافيلية لاستغـ.ـلال أزمـ.ـة الهجرة لتفـ.ـكيك المجتمع الألماني وتسهيل حدوث انقـ.ـلاب، ولهذا الغرض -كما تفيد الشكـ.ـوك- أخفى الملازم مخـ.ـزونا من الأسلـ.ـحة في قبو منزله في أوفنباخ، أما القطـ.ـعة المهمة في الدليل فهي مسـ.ـدس أخفاه في مرحـ.ـاض بمطار فيينا، هو الذي أدى إلى القبـ.ـض عليه في يناير/كانون الثاني 2017.

غير أن ألبريشت قدم نفسه للصحيفة ومن قبلها لصحيفتين أخريين قابلتاه، على أنه مواطن ثائـ.ـر غاضـ.ـب من قرار ميركل بفتح حدود بلدها لأسباب إنسانية مع تجاهل التبـ.ـعات السياسية لأفعـ.ـالها، كما يتهـ.ـمها بتجاوز البوندستاغ (البرلمان).

وأشار محرر المقابلة إلى أن قرار ميركل و”حالة الطوارئ الإنسانية التي مرت بها البلاد في ذلك الوقت” أثـ.ـارا كثيرا من اللغـ.ـط في ألمانيا بشأن الهجرة، وساعدا على إخراج حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتـ.ـطرف من المجهـ.ـولية السياسية التي كان فيها قبل 2015.

ويعدّ ألبريشت نفسه ضـ.ـحية “مطـ.ـاردة السـ.ـاحرات” التي تنـ.ـتهجها مكاتب حماية الدستور (أجهزة المخابرات) ضـ.ـد اليمين المتطـ.ـرف، غير أن المحققين على العكس من ذلك يرون فيه عنصرا خطـ.ـرا من المشهد اليميـ.ـني المتطـ.ـرف قد تسـ.ـلل مع آخرين إلى الجيـ.ـش الألماني.

وهذا الملازم -كما يقول محاوره- مسكـ.ـون منذ أيام الدراسة بالاضطـ.ـرابات الجيوسـ.ـياسية ونظـ.ـريات المؤامـ.ـرة، وهو قلـ.ـق من خطـ.ـر حدوث حـ.ـرب كبير بين روسيا والغرب، ويرى في صفوف اللاجئين إرهـ.ـابيين مستعـ.ـدين لتنفيذ هجـ.ـمات على القارّة، وهو يقول إن الإسـ.ـلاميين أقاموا مراكز تدريـ.ـب في البلقان.

وقد تشارك ألبريشت هذه المشاعر مع مجموعة مناقشة تسمى “الصلـ.ـيب الجنوبي” ضمـ.ـنها جنـ.ـود وضبـ.ـاط شرطة من المشهد الراديكـ.ـالي، وقد نظـ.ـمت تـ.ـدريبا شبه عسـ.ـكري وسهّلت الخدمات اللوجـ.ـستية للأنشطة السـ.ـرّية، وهي -حسب قناعات الأجهزة الأمنية- تستعد ليوم النصـ.ـر الأسطـ.ـوري الذي ستتحقق فيه نبـ.ـوءات يوم القيـ.ـامة، مما يمهد الطريق للاستـ.ـيلاء على السلطة.

غير أن ألبريشت من جانبه يزعم أنه تصرف دفـ.ـاعا عن النفـ.ـس “لحماية أسرته في حالة الطوارئ”، وشرع في تخـ.ـزين ما يعينه على البقاء في قبو منزله في أوفنباخ، وقد قام ببناء ترسـ.ـانة من مئات الذخـ.ـائر وقـ.ـنابل التـ.ـدريب يفضل تجاهل مصدرها، وتضم مكتبته كتاب “كفـ.ـاحي” من تأليف أدولـ.ـف هتـ.ـلر.

وعندما قدم ألبريشت نفسه لحارس المخيم بتردد على أن اسمه بنيامين ديفيد، نصحه الحارس بتسليم نفسه للشرطة، وبالفعل أخذته دورية إلى مركز الشرطة، وهناك رأى خريطة أوحت إليه بفكرة انتـ.ـحـ.ـال شخصية لاجئ سوري من بلدة تل العسل يتكلم إنجليزية مكسرة، وقد درس الفرنسية ولم يدرس العربية، وقد ساعدته الشرطة بعد أخذ بصـ.ـماته على شراء تذكرة ركوب الحـ.ـافلة، ليبدأ حياة مزدوجة ستستمر 16 شهرا.

وبعد أيام قليلة، أوقف سيارته على بعد أقل من كيلومتر من محطة الحافلات، حيث سيرافق عشرات المهاجرين إلى معسـ.ـكر بافاري بالقرب من نورمبرغ، يقول “كنت أعرف أن ما أفعله مخـ.ـالف للقانون، لكنني في كل مرة بدلا من التراجع، كنت أستـ.ـسلم لمجرى الأحـ.ـداث”.

وفي مقاطع الفيديو المسجلة على هاتفه، وثّق ألبريشت حياته الجديدة وحياة رفاقه الذين يعدّهم مدللين من قبل الدولة الألمانية، فقد كان يتلـ.ـقى تحت اسم بنيامين ديفيد نحو 400 يورو شهريا، ويعود بحـ.ـرية إلى لواء إيلكيرش ويواصل حياة الضـ.ـابط فرانكو ألبريشت.

لكن القصة تخرج عن السيـ.ـطرة وتصبح ضـ.ـبابية عندما تبلغ الأحـ.ـداث مرحلة ذهابه إلى فيينا لحضور حفل الضـ.ـباط الذي نظمته وزارة الدفـ.ـاع النمساوية، فقد خـ.ـبأ مسـ.ـدس براوننغ صنعه مصنـ.ـع الأسلـ.ـحة في جبال البرانس عام 1944 للجيـ.ـش النازي في المراحـ.ـيض المعطلة في المنطقة الحرة، وتشارك الصورة مع 3 جنـ.ـود آخرين.

وبعد 10 أيام عاد ألبريشت إلى العاصمة النمساوية في اليوم الذي سيقام فيه اجتماع كبير لليمـ.ـين الأوروبي المتطـ.ـرف نظمه الحزب النمساوي “إف بي أو” (Freiheitliche Partei Österreichs)، تحت رقابة مشـ.ـددة من الشرطة، وقد تحدث في المقابلة عن جـ.ـريمة قتـ.ـل قد يرتكـ.ـبها لاجئ سوري وتؤدي إلى اضطـ.ـرابات.

ولدى وصول ألبريشت إلى فيينا بعد الظهر عاد إلى مرحـ.ـاض المطار للبحث عن المسـ.ـدس، غير مدرك أن عاملة النظافة اكتشفته وسلـ.ـمته إلى الشـ.ـرطة، وأن وكالات إنفاذ القانون في انتظار وصوله، وبمجرد أن مدّ يده إلى المرحـ.ـاض صاحت به الشرطة، وقد قال لهم إنه جاء لأخذ السـ.ـلاح وتسليمه للشرطة، وهو لا يزال متمـ.ـسكا بهذا القول المضحك.

ويقول الملازم السابق إنه وجد هذا السـ.ـلاح في شجيرة، ووضعه في الجيب الداخلي لمعطفه ونسيه، وفجأة تذكره وهو قريب من شرطة أمن المطار فبادر مذعـ.ـورا إلى إخفـ.ـائه في المرحـ.ـاض، وقد عاد اليوم بعد أن شعـ.ـر بالندم لتسليمه للشرطة.

استمعت الشرطة النمساوية لقصة ألبريشت واستولت على هاتفه وذاكرة “يو إس بي” (USB) كانت لديه، ثم أطلـ.ـقت سـ.ـراحه بعد أخذ بصمات أصابعه وإرسالها إلى زملائهم الألمان الذين سرعان ما اكتشفوا أن البصـ.ـمات تتفـ.ـق مع بصـ.ـمات لاجئ سوري يدعى بنيامين ديفيد، فبدأ التحقيـ.ـق.

وبعد إلقاء القبض على ألبريشت في فيينا، نقل مخزونه من الذخـ.ـيرة إلى أحد أصدقائه الطلاب الذين شاركوه قنـ.ـاعاته، وتم تفتـ.ـيش غرفته وسيارته، وبعد أيام قليلة انتـ.ـشرت قصة الجندي “النـ.ـازي الجديد” الذي يتظاهر بأنه مهـ.ـاجر، في عناوين الصحف.

وقبيل محـ.ـاكمته، عندما سُئل فرانكو ألبريشت عما إذا كان يشعر بأي ندـ.ـم، أبدى أسـ.ـفه لأنه لـ.ـعب بجانب اللاجئين الحقـ.ـيقيين دور بنيامين ديفيد، لكنه في النهاية، يبدو راضـ.ـيا عن القصة.

المصدر : لوفيغارو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى