close
الأخبار

خطبة الجمعة باللغة العربية في مساجد تركيا 19 حزيران 2020

التَّارِيخُ: 19.06.2020

الْإِخْلَاصُ وَالنِّيَّةُ الصَّادِقَةُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ قَبُولَ الْإِيمَانِ وَالْعِبَادَةِ وَالْأَفْعَالِ الجَمِيلَةِ فِي دِينِنَا الْإِسْلَامِيِّ الْجَلِيلِ مُرْتَبِطٌ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ وَالْإِخْلَاصِ.وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّيَّةَ هِيَ رَأْسُ كُلِّ عَمَلٍ وَهِيَ سِرُّ الطَّاعَةِ. وَهِيَ الرَّغْبَةُ فِي نَيْلِ رِضَا الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. أَمَّا الْإِخْلَاصُ فَيَتَمَثَّلُ فِي جَعْلِ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ خَالِصاً وَخَاصّاً بِاللَّهِ وَحْدَهُ فَقَطْ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ جَوْهَرُ الْإِنْسَانِ كَظَاهِرِهِ وَقَلْبُهُ كَالْحَالِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ النِّيَّةَ وَالْعَمَلَ يُكْمِلُ بَعْضُهُمَا الْآخَرَ مِثْلَمَا الرُّوحُ وَالْجَسَدُ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ النِّيَّةَ هِيَ الَّتِي تُمَيِّزُ الصَّلَاةَ مِنْ كَوْنِهَا حَرَكَةً فِيزْيَائِيَّةً وَالصِّيَامَ مِنْ كَوْنِهِ جُوعًا وَعَطَشًا. وَالْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مِنْ كَوْنِهِمَا سِيَاحَةً وَسَفَراً.
إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَكُونُ مُخْلِصاً فِي إِيمَانِهِ. وَإِنَّهُ يَمْتَثِلُ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ لِلْأَمْرِ الْإِلَهِيِّ الْوَارِدِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الْقَائِلَةِ، “إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ”.كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ بِالطَّاعَةِ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يَسْأَلُ الْعَوْنَ وَالسَّنَدَ إِلَّا مِنْهُ سُبْحَانَهُ. وَإِنَّهُ يَحْيَا مُسْتَشْعِراً أَنَّ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَرَاهُ وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَى جَانِبِهِ عَلَى الدَّوَامِ.


إِنَّ الْمُؤْمِنَ مُخْلِصٌ كَذَلِكَ فِي عِبَادَاتِهِ. وَإِنَّهُ يَتَوَجَّهُ إِلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِشُكْرِهِ عَلَى نِعَمِهِ سُبْحَانَهُ بِلِسَانِهِ وَبَدَنِهِ وَقَلْبِهِ. كَمَا أَنَّهُ يُقِرُّ وَيَعْتَرِفُ بِعَجْزِهِ أَمَامَ عَظَمَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَإِنَّهُ لَيَبْقَى مُخْلِصاً حَتَّى آخِرَ نَفَسٍ لَهُ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ الْوَارِدِ فِي الْآيَةِ الْجَلِيلَةِ، “قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”
إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَكُونُ مُخْلِصاً أَيْضاً تُجَاهَ مُحِيطِهِ وَبِيئَتِهِ. فَيُقِيمُ عِلَاقَاتٍ طَيِّبَةٍ مَعَ أُسْرَتِهِ وَأَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ. وَيَكُونُ بَشُوشاً وَمُتَوَاضِعاً وَلَا يَنْطِقُ إِلَّا بِصَادِقِ الْقَوْلِ. كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ وَفِيّاً وَمُحِبّاً لِفِعْلِ الْخَيْرِ وَالْمُسَاعَدَةِ. إِضَافَةً إِلَى أَنَّهُ يَقُومُ بِنَشْرِ الْأَمْنِ وَالثِّقَةِ. وَيَمْنَعُ السُّوءَ. وَإِنَّهُ لَيَقِفُ إِلَى جَانِبِ الْوِحْدَةِ وَفِي وِجاَهِ الْفِتْنَةِ. وَبِالْمُحَصِّلَةِ فَإِنًّ الْمُؤْمِنَ يَعِيشُ كُلَّ صَفْحَةٍ مِنْ صَفَحَاتِ حَيَاتِهِ وِفْقاً لِلْإِخْلَاصِ وَالنِّيَّةِ الْحَسَنَةِ.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلًّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: “إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ”.
أَجَلْ، إِنَّ الْأَعْمَالَ تَكْتَسِبُ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى النَّوَايَا. وَكُلُّ إِنْسَانٍ يَنَالُ مُقَابِلَ الَّذِي يَفْعَلُهُ وِفْقاً لِنِيَّتِهِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَعْمَالَ الَّتِي لَا يُرَافِقُهَا الْإِخْلَاصُ لَا تَكُونُ لَهَا أَيَّ قِيمَةٍ عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَلَا يَجِبُ أَنْ نَنْسَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْوُصُولُ إِلَى لَذَّةِ الْإِيمَانِ وَخُشُوعِ الْعِبَادَةِ وَطُمَأْنِينَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَرِضَا الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَّا مِنْ خِلَالِ إِخْلَاصٍ وَنِيَّةٍ صَادِقَةٍ. وَإِنَّنِي سَوْفَ أُنْهِي خُطْبَتِي بِهَذَا الدُّعَاءِ الَّذِي عَلَّمَنَا إِيَّاهُ رَسُولُنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اَللّهُمَّ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، اجْعَلْنِي مُخْلَصًا لَكَ وَأهْلِي فِي كُلِّ سَاعَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى