الأخبار

خطبة الجمعة : لتكتظ المساجد بالأطفال ليكن أخلاقهم القرآن

التاريخ: 14. 06. 2019

لِتَكْتَظَّ الْمَسَاجِدُ بِالْأَطْفَالِ فَلْيَكُنْ أَخْلاَقُهُمُ الْقُرْآنُ


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُحْتَرَمُونَ!
يَقُولُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قَرَأْتُهَا آنِفًا: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾
وَيَقُولُ نَبِيُّنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الشَرِيفِ الَّذِي قَرَأْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْخُطْبَةِ: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ»


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدَ عَلَى شُعُورِ اْلإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى حُبِّهِ وَاِنْقِيَادِ بِهِ. وَفِي فِطْرَةِ الْإِنْسَانِ أَيْ فِي جَوْهَرِ خَلْقِهِ يُوجَدُ مَيْلٌ نَحْوَ الْخَيْرِ وَتَفْضِيلِ الْجَمَالِ وَالْبَحْثِ عَنِ الْحَقِيقَةِ. وَمُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِنَا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا تُشِيرُ اَلْبُوصُلَةُ الَّتِي فِي قُلُوبِنَا إِلَى الْحَقِّ وَالْحَقِيقَةِ. وَلَكِنْ مَعَ تَزَامُنِ نُمُوِّ الطِّفْلِ وَمَعَ تَأثِيرِ الْوَالِدَيْنِ وَمَنْ حَوْلَهُ فِي بِيئَتِهِ يَخْتَلِفُ مَسَارُ كُلِّ طِفْلٍ وَيَتَشَكَّلُ عَقِيدَتَهُ وَيَتَغَيَّرُ أَخْلاَقُهُ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
مِنْ أَثْمَنِ النِّعَمِ وَأَعْظَمِ اْلأَمَانَاتِ الَّتِي مَنَحَهَا لَنَا اَللَّهُ سُبْحَانَهُ عَزَّ وَجَلَّ هِي أَطْفَالُنَا قُرَّةُ أَعْيُنِنَا. حَيْثُ نَبِيُّنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا لِمَعْرِفَةِ قِيمَةِ هَذِهِ النِّعْمَةِ وَإِلَى حِمَايَةِ هَذِهِ الأَمَانَةِ الْقَيِّمَةِ وَالتُّحْفَةِ النَّادِرَةِ. وَهُنَاكَ تَوَازُنٌ دَقِيقٌ لِلْحُقُوقِ وَالْمَسْؤُولِيَّاتِ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَطْفَالِ. إِنَّ أَعْظَمَ حَقِّ أَطْفَالِنَا عَلَيْنَا هُوَ حِمَايَتُهُمْ عَنْ كُلِّ شَرٍّ مِنْ خِلاَلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ وَالْحَالَةِ النَقِيَّةِ عَلَى الْفِطْرَةِ الْإِسْلاَمِيَّةِ.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ أَطْفَالَنَا هُمْ قُرَّةُ أَعْيُنِنَا وَأَمَلُ مُسْتَقبَلِنَا. وَلِذَلِكَ نَحْنُ مُلْتَزِمُونَ بِتَلْبِيَةِ اِحْتِيَاجَاتِهِمِ الرُّوحِيَّةِ إِضَافَةً إِلَى حَوَائِجِهِمِ الْمَادِّيَّةِ. فَإِنَّ وَاجِبَنَا الْأَسَاسِيَّ تِجَاهَهمُ هُوَ تَعْرِيفُ رَبِّنَا وَنَبِيِّنَا إِلَى أَطْفَالِنَا وَإِكْسَابُ الْعَادَةِ الْعُبُودِيَّةِ وَغَرْسُ الْأَخْلاَقِ الْحَمِيدَةِ فِي قُلوبِهِمْ. إِذًا دَعُونَا نُجَهِّزُ قُلُوبَهَمُ الْبَرِيئَةَ وَعُقُولَهُمُ الْصَّافِيَةَ بِالْمَعْرِفَةِ وَالْحِكْمَةِ وَالْأَدَبِ. وَنُبْعِدُ أَطْفَالَنَا عَنْ جَمِيعِ الْأَفْكَارِالْمُنْحَرِفَةِ وَالْمَسَالِكِ غَيْرَ الْأَخْلاَقِيَّةِ وَالْخُرَافَاتِ الشَّنِيعَةِ وَالْبِدْعَةِ السَّيِّئَةِ. وَدَعُونَا نُرَبِّي أَوْلاَدَنَا بِأَحْسَنِ خُلُقٍ وَنُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ تَنْمِيَةِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْلِصِينَ الَّذِينَ أَرْشَدُوا حَيَاتَهُمْ بِالْقُرْآنِ فِي أَيْدِيهِمْ وَبِالْإِيمَانِ فِي صُدُورِهِمْ. وَدَعُونَا لاَ نَنْسَى أَنَّهُ مِنْ وَاجِبِنَا لاَ غِنَى عَنْهَا جميعًا هُوَ أَنْ نَتْرُكَ خَلْفَنَا جِيلًا جَمِيلًا اَلَّذِي يُدْرِكُ الْقُرْآنَ وَيَتْبَعُ الرَّسُولَ وَيَصْدُقُ الْوَعْدَ وَيَفِي بِأَمَانَةِ وَطَنِهِ وَأُمَّتِهِ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُحْتَرَمُونَ!
إِنَّ تِلاَوَةَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِطَرِيقَةٍ جَمِيلَةٍ وَفَهْمَهُ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ وَالْعِيشَ مَعَهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مِنَ الْحَيَاةِ هَا هُوَ شِعَارُ الْمُؤْمِنِ. وَإِذَا عَلَّمْنَا أَطْفَالَنَا تِلاَوَةَ الْقُرْآنِ وَالْقِيَمَ الْأَسَاسِيَّةَ لِلْقُرْآنِ بِدَايَةً مِنْ سِنٍّ صَغِيرٍ فَسَوْفَ يَكُونُ مِنَ الْأَسْهَلِ تَحْقِيقَ هَذَا الْهَدَفِ. وَأَنَّ رُوحَ الطُّفُولَةِ هِيَ أَقْرَبُ إِلَى الرِّسَالَةِ الْحَمِيمَةِ وَالصَّادِقَةِ لِلْقُرْآنِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ مَائِدَةِ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنَّا. وَبِلاَ شَكَّ أَنَّ الطُّفُولَةَ هِيَ أَجْمَلُ فَتْرَةٍ مِنْ حَيَاتِنَا لِتَعَلُّمِ دِينِنَا الْأَعْلَى وَالتَّعَوُّدِ عَلَى الْعِبَادَاتِ مِثْلَ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ وَصَوْمِ الصِّيَامِ وَكَذِلِكَ مِنْ أَجْلِ تَبَنِّي الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ فِي حَيَاتِنَا مِثْلَ الصِّدْقِ وَالرَّحْمَةِ. إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَغْرُسَ حُبَّ الْقُرْآنِ فِي قُلُوبِ أَطْفَالِنَا، وَأَنْ نَتَّخِذَ الْخُطُوَاتِ الْأُولَى مِنَ الْحَيَاةِ الَّتِي سَوْفَ تَسْتَمِرُّ فِي ضَوْءِ الْقُرْآنِ؛ عَلَيْنَا أَنْ نَنْتَهِزَ هَذِهِ الْعُطْلَةَ الصَّيْفِيَّةَ الَّتِي تَبْدَأُ الْيَوْمَ وتَتَوَقَّفُ فِيهَا الْمَدَارِسُ عَنِ التَّعْلِيمِ الدِّرَاسِيِّ فُرْصَةً فَرِيدَةً لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْقِيَمِ الْإِسْلاَمِيَّةِ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
نَحْنُ نَشْعُرُ بِالْإِزْعَاجِ وَنَشْكُو أَحْيَانًا مِنْ أَنَّ أَطْفَالَنَا يَنْغَمِسُونَ بِسُهُولَةٍ فِي جَاذِبِيَّةِ التَّكْنُولُوجِيَّا وَيُضِيعُونَ أَثْمَنَ أَوْقَاتِهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ أَمَامَ شَاشَاتِ الْحَاسُوبِ وَالْهَاتِفِ الْنَقَّالِ. بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ وَظِيفَةَ تَحْرِيرِ أَطْفَالِنَا مِنْ هَذَا الْإِدْمَانِ وَالْمُلاَزَمَةِ وَتَحْضِيرِ فُرَصٍ لِتَعْزِيزِ صِحَّتِهِم الْعَقْلِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ، هِيَ تَقِفُ عَلَى عَاتِقِنَا وَسَوْفَ نُحَاسَبُ بِسَبَبِهِم وَنُسْأَلُ عَمَّا نَعْمَلُ نَحْوَهُمْ. وَبِالتَّالِي فَإِنَّ وَاحِدَةً مِنْ أَجْمَلِ الْمُنَاسَبَاتِ لِتَطْوِيرِ عَوَالِمِ قُلُوبِ أَطْفَالِنَا وَلِتَعْزِيزِ أَحْلاَمِهِمْ وَأَمَاثِلِهِمْ، هِي تَقِفُ الْآن َعِنْدَ أَقْدَامِنَا وَبَيْنَ أَيْدِنيَا. وَسَوْفَ تَبْدَأُ الدَّوَرَاتُ الصَّيْفِيَّةُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فِي جَمِيعِ مَسَاجِدِنَا فِي دَوَرَاتِنَا وَمَعَاهِدِنَا الْقُرْآنِ اِعْتِبَارً مِنْ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ الْمُقْبِلِ 17 شَهْرَ يُونْيُو. وَاِنْطِلاَقًا مِنْ إِشْعَارِ ” لِتَكْتَظَّ الْمَسَاجِدُ بِالْأَطْفَالِ فَلْيَكُنْ أَخْلاَقُهُمُ الْقُرْآنُ ” سَوْفَ تَزْدَهِرُ مَسَاجِدُنَا بِأَطْفَالِنَا وَتَبْتَهِجُ دَوَرَاتُنَا بِأَوْلاَدِنَا. وَسَوْفَ يَسْتَمْتِعُ أَطْفَالُنَا أَثْنَاءَ التَّعَلُّمِ مِنْ خِلاَلِ اْلأَنْشِطَةِ اْلاِجْتِمَاعِيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ وَالتَّرْفِيهِيَّةِ فَضْلاً عَنِ الدُّرُوسِ حَوْلَ الْعَقِيدَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالْأَخْلاَقِ. وَعَلَى حَدِّ تَعْبِيرِ نَبِيِّنَا الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ حُسْنَ الْأَدَبِ هُوَ أَفْضَلُ مَا يَهَبُ الْوَالِدُ لِوَلدِهِ. وَمِنْ أَجْلِ أَنْ نَتْرُكَ أَثْمَنَ تَرِكَةٍ وَأَغْلَى تُرَاثٍ لِأَوْلاَدِنَا وَأَخِيرًا نَحْنُ فِي اِنْتِظَارِ الطَّلَبِ مِنْكُمْ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ إِلَى أَطْفَالِكُمْ فِي مَسَاجِدِنَا وَدَوَرَاتِنَا الْقُرْآنِيَّةِ. نَحْنُ نُرَحِّبُ بِأَطْفَالِكُمْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَنَعْتَنِقُ لَهُمْ جَمِيعًا وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يُعْطِيَ لَهُمْ مُسْتَقْبَلًا نَاجِحًا وَحَيَاةً سَعِيدَةً وَعُمْرًا طَوِيلاً مَعَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى