close
الأخبار

بدون رأس مال .. سيدة سورية تطلق مشروع أشغال يدوية بأيد صغيرة من منزلها في تركيا

“أحببت العمل مع الأطفال، هم صادقون دائمًا.. الفتيات الصغيرات متحمسات للنشاطات التي نقوم بها معًا”، هكذا وصفت بيان بيطار (35 عامًا)، وهي سيدة سورية مقيمة في تركيا، النشاطات والأعمال اليدوية التي تعلمها للطالبات هربًا من الملل.

تستقبل بيان وهي أم لطفلة في العاشرة من عمرها وطفل في السابعة، الفتيات السوريات في بيتها المتواضع في مدينة غازي عنتاب التركية، لتعليمهن صنع لوحات من التطريز، وبعض أعمال الصوف كالدمى القطنية، والـ “كروشيه”.

تقول بيان التي تنحدر من إدلب لعنب بلدي، إن زوجها متوفٍّ ولا تجد عملًا، وهذا الحال ولّد لديها شعورًا بالفراغ، وكانت تعمل مساعدة لمدير المشاريع في إحدى المنظمات، لكن عقدها انتهى، فبدأت تبحث عن عمل ولم تجد، ولا تريد أن تُشعر أطفالها بالضعف أو الحاجة لأي شيء.

“قابلت صديقتي وهي مرشدة أسرية، ولفتت نظري إلى موهبتي بالأشغال اليدوية، ونصحتني بالعمل ضمن هذا المجال ولو كان عملًا داخل المنزل، ثم بدأت ترسل ابنتها إلي لأعلمها، وبدأ الموضوع ينتشر بين صديقاتنا ونساء أخريات”.

مبادرة فردية دون رأس مال

لم تكن بيان تملك المال لبدء مشروعها، وشراء الحاجيات التي ستستخدمها، كالصوف والإطارت والعديد من الأدوات واللوازم لدروس الأشغال اليدوية، وعُرضت عليها المساعدة لشرائها، وقالت، “اشتريت العدة وكان لدي بعض الأدوات غير المستعملة، فاستخدمتها”.

عملها مجرد هواية ولم تعمل بالتدريس مسبقًا، وكانت البداية مع ست فتيات، والآن هن عشر، ويسكنّ في جوارها، وتأخذ منهن مبالغ رسمية شهريًا لتشتري اللوازم.

تضيف بيان، “اكتشفت أن لدي قدرة على التعامل مع الأطفال وضبط سلوكهم، وبناء على هذا سأتقدم لإحدى الجامعات بطلب لإتمام دراستي بقسم (دبلوم تربية)”.

تنبه بيان الفتيات دائمًا لالتزام الانضباط، لكن بعضهن يحب الحركة، فتعطيهن خيوطًا سميكة لينهين عملهن بسرعة، ولا فرحة تفوق فرحتهن عندما ينجزن، “عندما أتحدث مع أمهاتهن، يخبرنني أن الفتيات يضعن الأعمال المنجزة بالقرب من أسرتهن من الفرحة بها”.

تطلعات لإقامة معرض

تتعامل بيان مع فتيات بأعمار متفاوتة، فلديها طالبات بعمر تسع سنوات، وأخريات في الخامسة عشر من عمرهن، وتقول إنهن “متحمسات لعرض أعمالهن ضمن معرض يخططن لافتتاحه عندما ينتهين من العمل، ولديهن الكثير من لوحات الخرز، وغيرها من الأعمال لعرضها.

تقول بيان، “إن أهم ما أحافظ عليه في أثناء إعطاء الدروس والملاحظات هو الإتقان، ليكون كل شيء كاملًا ومتقنًا وجاهزًا للعرض في معرض فيما بعد”.

وتضيف أن الفتيات يستغرقن في العمل حتى أن بعضهن لا يقرأ اللغة العربية إلا أنهن يهجئن الأحرف في قائمة الأدوات التي أعطيها لهن حرفًا حرفًا، لرغبتهن بإتمام العمل.

كما تحدد بيان للطالبات عادة ساعتين للعمل، لكنهن يستغرقن بالعمل فتتركهن طالما هن مندمجات، وأحيانًا نحتاج المزيد من الوقت لتصحيح بعض الأخطاء وتشذيب الأعمال لتكون على أكمل وجه، ولا يزعجها هذا.

فرحة الفتيات بالإنجاز وكسر الملل

روان أسود هي فتاة سورية من إدلب تدرس في الصف العاشر الثانوي في مدرسة تركية، تقيم في مدينة غازي عنتاب وكانت طوال الفترة الماضية تدرس عن بعد بسبب القيود المفروضة في تركيا منعًا لانتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19).

وكانت وزارة التربية التركية اعتمدت التعليم عن بعد لطلاب المدارس ودورات القيادة والدورات الأخرى، في 20 من تشرين الثاني 2020، بسبب تفشي فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19) في البلاد.

لكن مجلس الوزراء التركي الذي انعقد برئاسة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بتاريخ 1 من آذار الحالي قرر افتتاح المدارس الابتدائية والصفوف من الثامن إلى الثاني عشر في جميع المدن، في إطار تخفيف القيود مؤخرًا.

وتتقن روان اللغة التركية وأحبت الأشغال اليدوية عند التي تتعلمها عند السيدة بيان، إذ امتلأ وقتها.

تقول روان لعنب بلدي، “بدأنا بتطريز أسمائنا في إطارات، ثم تعلمنا أشغالًا بالصوف وهو أمر اختياري، وعندما بدأنا التعلم مع المعلمة بيان، أعطتنا إطارات وطلبت منا اختيار شيء نحبه لنطرزه داخل الإطار مع اسمنا”، وأحيانًا تدخلنا إلى المطبخ بحسب رغبتنا لتعلمنا بعض فنون الطبخ وهو أمر اختياري.

وأضافت روان قائلة، “أتمنى أن نعرض أعمالنا في معرض مستقبلًا، لنستمر بالعمل، ففي البداية أمي عرضت علي الذهاب لتعلم أشغال يدوية، وعندما بدأت العمل أحببت ما أفعله ولم أتغيب لحصة واحدة”.

ختمت بيان بيطار بقولها لعنب بلدي إن لديها حبًا للعمل الطوعي بكل أشكاله، لكن الفرصة لا تكون متاحة دومًا لذلك، وكانت تعمل كمتطوعة في سوريا لفترات، لكن مجالات التطوع في مدينة غازي عنتاب غير متوفرة دائمًا.

كما أن بيان لا تعشر بالاندماج في المنظمات بشكل عام، وتحب التعامل مع الفئة العمرية الصغيرة، وتتمنى في أن يكون عملها في المستقبل تحت إشراف منظمين ليكون العمل أكبر وأكثر حرفية وتأثيرًا.

ويوجد في مدينة غازي عنتاب جمعيات سورية تنشط في مجالات عدة، بالتنسيق مع الحكومة التركية، وبحسب ما قاله رئيس غرفة تجارة غازي عنتاب عام 2017، إن عشرات الجمعيات وأُنشأت لمساعدة السوريين في مدينة غازي عنتاب، ويجب أن تعمل بالتنسيق مع الحاكم والشرطة، وفق موقع “gazianteppusula” المحلي.

ويقيم في مدينة غازي عنتاب التركية، 449 ألفًا و945 من السوريين، بحسب إحصائيات المديرية العامة لإدارة الهجرة التركية لهذا العام.

المصدر : عنب بلدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى