Uncategorized

خطبة الجمعة باللغة العربية : جِيلٌ فَاضِلٌ وَمُسْتَقْبَلٌ سَعِيدٌ“

التَارِيخُ: 05. 07. 2019

”حِمَايَةُ الْجِيلِ: جِيلٌ فَاضِلٌ وَمُسْتَقْبَلٌ سَعِيدٌ“


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُحْتَرَمُونَ!
يَقُولُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قَرَأْتُهَا آنِفًا : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾
يَقُولُ نَبِيُّنَا الْحَبِيبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي قَرَأْتُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْخُطْبَةِ هَكَذَا: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا… »


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
يَلِدُ اْلإِنْسَانُ فِي الوَقْتِ الَّذِي قَدَّرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ اَلَّلذَانِ عَيَّنَهُمَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ وَفِي الْجِنْسِ الَّذِي عَيَّنَ الْخَالِقُ الْبَشَرِيَّةِ. وَإِنَّ خَلْقَ اْلإِنْسَانَ عَلَى مَخْتَلِفِ الْجِنْسَيْنِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مِنْ عَهْدِ نَبِيِّنَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هُوَ أَحَدُ بَرَاهِينَ وُجوُدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي وَقُدْرَتِهِ. لِأَنَّ مَنْ زَوَّدَ الرِّجَالَ وَالنِّسَاء بِقُدُرَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَبِمَيِّزَاتٍ مُنْفَرِدَةٍ وَمَنْ جَعَلَهُمَا زَوْجًا لِأَخَرِ وَمَنْ كَثَّرَ الْأَجْيَالَ مِنْ خِلاَلِ الزَّوَاجِ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ عَزَّ وَجَلَّ.
إِنَّ خَلْقَ الْبَشَرِ رِجَالاً وَنِسَاءً هُوَ بِمُوجَبِ تَقْدِيرِ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي وَبِمُقْتَضَى سُنَّةِ اللَّهِ. وَأَنَّ هَذَا الْخَلْقَ هُوَ يَحْتَوِي عَلَى عَدِيدٍ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْعِبرَةِ. وَاجِبُنَا كَعَبْدٍ مُطِيعٍ هُوَ التَّبَجُّلُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَالْاِحْتِرَامُ بِكِلاَ الْجِنْسَيْنِ وَالتَّأْسِيسُ بَيْنَهُمَا الْعَدَالَةَ وَالْمَرْحَمَةَ.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
يَطْلُبُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي مِنَّا أَنْ نَعِيشَ حَيَاةً وِفْقًا لِحِكْمَةِ الْخَلْقِ وَمُسْتَحِقًّا لِكَرَامَةِ الْإِنْسَانِ وَشَرَفِهِ. لِذَالِكَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُأَسِّسَ الْأُسْرَةَ مِنْ خِلاَلِ زَوَاجٍ مَشْرُوعٍ وَكَذَلِكَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُرَبِّيَ جِيلاً مُؤْمِنًا وَصِحِّيًّا مِنْ حَيْثُ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ. وَإِنَّ حِمَايَةَ جِيلَنَا كَعِبَادٍ صَالِحِينَ وَاِعْتِنَاءً بِمُسْتَقْبَلِنَا كَمُؤْمِنِينَ صَادِقِينَ هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْنَا جَمِيعًا لاَغِنًى عَنْهُ. وَأَنَّ سَلاَمَةَ الْجِيلِ لاَتَقِلُّ قِيمَةً مِنْ سَلاَمَةِ الرُوحِ وَالْمَالِ. فَضْلاً عَلِيْهِ أَنَّ هَذِهِ السَّلاَمَةَ تُعْتَبَرُ حصَانَةً لاَتُنْتَهَكُ أَبَدًا. كَذَلِكَ أَنَّ الْعِفَّةَ وَالْكَرَامَةَ وُالْعِيشَ فِي دَائِرَةِ الْحَلاَلِ هِيَ مُقَدَّسَةٌ أَيْضًا.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّ الْمُؤَسَّسَةَ الْأَكْثَر قِيمَةً مِنْ حَيْثُ الْمُسَاعَدَةِ عَلَى حِمَايَةِ الْعِفَّةِ وَالْكَرَامَةِ وَحُقُوقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ هِي الْأُسْرَةُ بِلاَ شَكَّ. لِأَنَّ الْحَيَاةَ الزَّوْجِيَّةَ تَنْسِجُ رَوَابِطَ الثِّقَةِ وَالسَّلاَمَةِ بَيْنَنَا. وَلِهَذَا السَّبَبِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْأَفْكَارِ وَالسُّلُوكِيَّاتِ الَّتِي تَتَجَاهَلُ مُقَدَّسَةَ الْأُسْرَةِ وَتَعْطُلُ بُنْيَةَ الْعَائِلَةِ فِي الْوَاقِعِ هِيَ تَهْدُفُ هَدْمَ الرَّوَابِطِ الْاِجْتِمَاعِيَّةِ.
مِنْ أَجْلِ نَظَرِ الْمُجْتَمَعِ إِلَى مُسْتَقْبَلِهِ بِأَمَلٍ وَأَمْنٍ، قَبْلَ كُلّ شَيْءٍ يَجِبُ أَوَّلاً تَشْجِيعُ الْأَجْيَالِ الشَّابَّةِ الَّتِي بَلَغَتْ سِنَّ الزَّوَاجِ عَلَى تَأْسِيسِ الْأُسْرَةِ. وَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأُسْرَةَ هِيَ أَقْدَمُ مُؤَسَّسَةٍ وَأَحْكَمُ قَلْعَةٍ فِي الْأَرْضِ اَلَّتِي وَهَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَنَا مِنْ أَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى جِيلِ الْإِنْسَانِ مِنَ الْمَاضِي إِلىَ يَوْمَنَا الْحَاضِرِ بِطَرِيقَةٍ صَحِّيَّةٍ وَمِنْ أَجْلِ اِسْتِمْرَارِ الْحَيَاةَ مُتَحَضِّرَةً وَسَعِيدَةً.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَعِزَّاءُ!
اَلنِّكَاحُ هُوَ عَقْدٌ مُقَدَّسٌ اَلَّذِي أُبْرِمَ بِمُوجِبِ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وِفْقًا لِسُنَّةِ نَبِيِّنَا الْحَبِيبِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اَلزَّوَاجُ هُوَ اَلسَّعَادَةُ وَالْمَسْؤُولِيَّةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ. وَأَمَّا مُشَارَكَةُ الْحَيَاةِ دُونَ عَقْدِ الزَّوَاجِ ” وَالتَأْوِيلاَتِ الْحُرَّةُ ” الَّتِي تُقَدَّمُ إِلَى الرَّأْيِ الْعَامِّ تَحْتَ اِسْمِ ” الْحُرِّيَّةِ الْجِنْسِيَّةِ ” إِنَّهَا بَعِيدَةٌ جِدًّا عَنْ حِمَايَةِ كَرَامَةِ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَحُقُوقِهِمَا مَعًا. وَإِنَّ الْمُمَارَسَةَ الْجِنْسِيَّةَ دُونَ عَقْدِ الزَّوَاجِ الشَّرْعِيِّ هِيَ مُحَرَّمَةٌ قَطْعِيَّةً مِنْ قِبَلِ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَلاَ بَرَكَةَ فِي الْحَرَامِ كَمَا لاَ شَرَّ فِي الْحَلاَلِ. وَسَبِيلُ الْحَرَامِ لاَ يُؤَدِّي سَالِكَهُ شَيْئًا غَيْرَ النَّدَمِ وَالذَّنْبِ وَالنَّارِ. اَلْحَرَامُ هُوَ خَادِعٌ وَمُدَمِّرٌ دَائِمًا وَهُوَ ضَرَرٌ لِلْإِنْسَانِ وَخَسَارَةٌ لِلْمُجْتَمَعِ.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
لَقَدْ حَدَّدَ الْخَالِقُ عَزَّ وَجَلَّ جِنْسَنَا كَمَا عَيَّنَ شُعْبَةَ جِنْسِيَّاتِنَا وَلَوْنَ بَشْرَتِنَا وَكَمَا قَدَّرَ عُمْرَ حَيَاتِنَا وَمَكَانَ وَفَاتِنَا. لَقَدْ خُلِقَ الْانْسَانُ عَلَى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. وَإِنَّ التَّدَخُّلَ فِي رُمُوزِ الْخِلْقَةِ وَأَنَّ مُحَاوَلَةَ تَغْيِيرِ الْخَصَائِصِ الْخَلْقِيَّةِ مُخَالِفٌ لِسنَّةِ اللَّهِ الْكَوْنِيَّةِ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، اَلْجُهُودُ الَّتِي تَتَدَخَّلُ فِي الْجِنْسِ وَتَدْعُو إِلَى عَدَمِ الْجِنْسِ هِيَ تُعِدُّ كَارِثَةً كَبِيرَةً لَيْسَ فَقَطْ لِلْفَرْدِ بَلْ لِجِيلٍ بِأَكْمَلِهِ. وَمُحَاوَلَةُ إِظْهَارِ اِخْتِيَارِ الْجِنْسِ كَمَجَالٍ لِلْحُرِّيَّةِ الشَّخْصِيَّةِ هِيَ تُفِيدُ تَجَاهُلَ الْإِرَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَهِي عِبَارَةٌ عَنِ تَجَاوُزِ حُدُودِ اللَّهِ وَالْاِنْحِرَافِ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ. وَعَلَى مَرِّ التَّارِيخِ رَفَضَتْ جَمِيعُ العَقَائِدِ بِشِدَّةٍ عَلَى نَحْوِ هَذِهِ الْمُحَاوَلاَتِ الضَّالَّةِ ولَعَنَتْهَا قَاطِبَةً.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْمُحْتَرَمُونَ!
لاَ يُمْكِنُ لِلْأُمَمِ اَلْبَقَاءُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ طَالَمَا لاَ يُحْتَرَمُ بِالْقِيَمِ الدِّينِيَّةِ وَالْأَخْلاَقِيَّةِ. وَلَمَّا تَنْتَهِكُ هَذِهِ الْقِيَمُ يَبْدَأُ الْحَلُّ وَالْاِنْحِطَاطُ فِي بُنْيَةِ الْمُجْتَمَعِ وَيَخْطُرُ مُسْتَقْبَلُنَا. يُخْبِرُنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَقْوَامِ فِي التَّارِيخِ لَقَدْ هُلِكُوا بِسَبَبِ عَدَمِ إِصْغَاءِ الْوَحْيِ اْلإِلَهِيِّ وَفَسَادِهِمِ الْأَخْلاَقِيِّ وَإغْرَاقِهِمْ فِي الْبِدْعَةِ. يَنْقُلُ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ صُرْخَةَ سَيِّدِنَا لُوتٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى وَجْهِ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ فَسَدُوا اَلْفِطْرَةَ النَّقِيَّةَ هَكَذَا: ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
دَعُونَا نَسْتَوْحِى مَوْعِظَةً وَعِبْرَةً مِنَ الْقَبَائِلِ الَّتِي هُلِكُوا بِسَبَبَ تَجَاوُزِ حُدُودِ الْحَلاَلِ. وَدَعُونَا نُحَاوِلُ أَنْ نَعِيشَ حَيَاةً كَرِيمَةً وِفْقًا لِفِطْرَتِنَا السَّلِيمَةِ. وَلِنَعْرِفْ شَرَفَ الْإِنْسَانِيَّةِ وَكَرَامَتَهَا عَزِيزَةً مِثْلَ رُوحِنَا وَلِنُحَافِظْ عِرْضَنَا. دَعُونَا نَبْتَعِدُ عَنِ التَّجَاوُزَاتِ وَالْمَقَابِحِ الَّتِي تَلْحَقُ الضَّرَرَ بِمَجْدِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَدَعُونَا نُظْهِرُ لِبَنَاتِنَا وَأَوْلاَدِنَا الْقِيمَةَ وَالرِّعَايَةَ الَّتِي يَسْتَحِقُّونَهَا. وَدَعُونَا نَعْلَمُ بِأَنَّ طَرِيقَةَ جِيلٍ صَالِحٍ هِيَ تَرْبِيَةُ أَوْلاَدِنَا وتَوْعِيَةُ شُبَّابِنَا وَحِمَايَةُ جِيلُنَا مِنَ الْأَفْكَارِ الْمُنْحَرِفَةِ خَاصَّةً فِي سِنَّ الْمُرَاهِقَةِ. وَلاَ نَنْسَى أَنَّنَا جَمِيعًا نَتَحَمَّلُ الْمَسْؤُولِيَّةَ فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى