close
Uncategorized

قصة صاحب البقالة والعامل الفقير

كنت قاعد في المحل بتاعي بعد العصر لما دخل عليا شاب أسمراني صغير في السن
كان في اوائل العشرينات تقريبا ولابس جلابيه بلدي وشكله صعيدي وملامحة مريحة وفيها طيبة
فلقيته وقف عند باب المحل وبيقول
سلامو عليكم يا أستاذ، الاقيش عندك شغل =نعم؟؟ شغل، شغل، مش عايز حد يشتغل؟؟
=لا والله مافيش عندي شغل الأيام دي
طب ماعندكش حاجه في المحل عايزه تتشال ولا تتحط ولا تترتب،، أي شغلانه بتاعت ساعتها، واللي هتعطيهوني هخده ويبقى نعمة من الله.. ساعتها دار في بالي إن دي خطة الشحاتة الجديدة، وبما إني ياما اتنصب عليا في شغلانات الشحاته بالافكار المبتكرة فقومت وقفت كده ولفيت من ورا مكتبي وطلعت عنده،، المحل بتاعي محل تجارة بقوليات جملة وقطاعي، وفعلا كان عندي بعض شكارة عايزه تتشال وتتحط وتترتب وييجي القديم فوق والجديد تحت وكام حاجه كده، لكن قلت أما اختبره الأول وأشوف دنيته فيها إيه.. فروحت مطلع خمسة جنيه ومادد إيدي بيها ناحيته.. فمد إيده وصد إيدي وقال عيب يا بيه لما راجل طول بعرض زي حالاتي يمشي يشحت،، أنا بسأل حضرتك على شغل، خمسه جنية زي دي لو كسبتها بعرقي هبقى مرضي ورافع راسي وانا بخدها، انما لو خدتها منك إحسان أبقى بنى آدم ماستاهلش الصحة اللي ربنا عطهاني …
كلامه خلاني اتعاطفت معاه وحسيت إنه جدع بجد،، فابتسمت له وقلت
=خلاص ياعم طالما غاوي شقا ف شيل شكاير الفول اللي هناك دي رصها على أول المحل ع اليمين،، وشكاير المكرونة اللي هناك دي هاتهالي على الشمال..
وخليته يعمل لي كام شغلانه كدة،، منهم اللي كنت محتاجها فعلا ومنهم اللي كنت بخليه يعملهم عشان أعرف أعطيه قرشين كويسين،، وبعد ما خلص شغل مديت أيدي باربعين جنيه..
فلقيته بيقول
قلتلك يا بيه انا مابقلبلش إحسان،، أنا شوية الشغل دول مايسووش أكتر من عشرين جنيه ودا حقي =ياعم ماتبقاش حنبلي وماتقولش للرزق لأ،، انت اشتغلت ودا تقدير شغلك من وجهة نظري.. ساعتها ابتسم وقال ربنا يكرم أصلك يا بيه لكن مادام إكدة فانا مش عايز فلوس،، انا عايز بالفلوس دي مكرونة وعدس ورز ..
فساعتها بدأت أعبي له الحاجات اللي طلبها وأتوصى بيه وفي وسط تعبيتي عرفت إنه وحيد على أم وتلات بنات في التعليم وكان شغال في مطعم لكن المطعم اتقفل وماعدش لاقي شغل،، كان نفسي وقتها يكون عندي له شغل لكن المحل كان في منطقة متطرفة والشغل يدوب على أدي وأد الست اللي بتيجي تساعدني من الصبح للعصر ويدوب بطلع الإيجار والمصاريف ومرتبها،، وباقي المكسب يدوب بيقضيني
فخلصت تعبية الحاجة وانا عمال احسبها الف مرة،، أشغله ولا ماشغلوش، طب أشغله وأعطيه مرتب بسيط،، وفي الآخر سكت وماعرضتش عليه الشغل وأخد حاجته ومشى..
كنت زعلان إنه مشى وكنت بتمنى أعطيله أي فلوس زيادة لكن كنت عارف إنه مش هيوافق..
لكن مر يدوب تلات أيام ولقيته جاي تاني وكان واضح عليه التعاسة اكتر من المرة الأولانيه وواضح إن الحياة مخنوقة معاه أوي
لكن كان بيداري كل دا بابتسامة كلها بشاشة وبيقول
ها يا استاذ مش عايز ترتب أي حاجه في المحل.. ساعتها طلعتله وانا بقول =بص، سيبك من شغل الترتيب اللي مش جايب همه، انا هعرض عليك عرض ولو عجبك أهو يبقى فيه خير ليك وليا،، وانا تحت أمرك يا بيه
=أنا بعد ما حسبتها مية مرة لقيت إني أعرف أطلعلك يوميه ٢٥ جنيه كل يوم،
من غير ماتحسب يا بيه، انا موافق ورزقي ورزقك على الله من غير حسابات، =استنى بس خد باقي كلامي،، مش دا بس اللي هتكسبه لو اشتغلت هنا، أي زبون بييجي عندي بيضطر يحمل حاجته لان مافيش شيال هنا،، أجرة تحميل الشكارة جنيه أو اتنين جنيه على حسب ذوق التاجر ولا الزبون اللي جاي يشيل وانا ببيع بمعدل عشرين ل تلاتين شكارة في اليوم،، فانت هتبقى واقف معايا هنا،، والزبون اللي هييجي وعايز حد يحملّه شكارته في التوكتوك ولا المواصلة اللي جايبها أنت هتحملهاله،، يعني ممكن تعملك في اليوم تلاتين اربعين جنيه غير ال ٢٥ اللي هعطيهملك انا من عندي مقابل رصّك للشغل اللي هكلفك بيه جوا المحل فساعتها ابتسامته وسعت وحسيت إنه فرح بالشغل على الرغم من قلة الراتب وقال وانا كدة مرضي وأقل من كدة كمان مرضي
=خلاص توكلنا على الله واستلم شغلك من دلوقتي..
من بعد ما أخدت القرار ده والشيطان بدأ يلاعبني، ..يعني انت بتطّلع ايه من المحل عشان تعطيله ٧٥٠ جنيه في الشهر ، وانت عارف إن شوية الرص كنت بترصهم انت وأم آيه..
لكن كنت بستعيذ بالله وبقول أهي الأرزاق على الله وأكيد ربنا هيبعتله رزقه..
ومر شهر والتاني وهو معايا
مكاسبي كانت هي هي مازادتش جنيه ويمكن قلت
وال٧٥٠ جنيه قلّوا من الفلوس اللي كنت بحصلها من المحل
أما هو فكان فعلا شاب مجتهد وأمين وبشوش والزباين حبته وكان بيطلعله من ورا الزباين يمكن بمعدل خمسين جنيه في اليوم غير ال ٢٥ بتوعي
لكن الشيطان بردو ماكانش سايبني في حالي وعمال يوسوسلي إني المفروض أمشيه
لغاية ما في يوم لقيته جاي وجايب واحد معاه يمكن في نفس سنه وجاي يستسمحني إنه يشتغل معاه وبيحكيلي إنه ظروفه صعبه ومش طالب أي زيادة من المحل وال ٢٥ جنيه هيخدوها هم الاتنين وهيقسموها هي وباقي الفلوس اللي بتطلعلهم من التحميل..
ساعتها كنت عايز أضرب نفسي تلاتين جزمه على دماغي
وأقول في بالي بقا انا كنت عايز أمشيه وهو بيخد ٧٥٠ جنيه وما أثروش أوي على حياتي وهو على الرغم من الغلب اللي فيه جايب واحد يشاركه..
الواد دا كان عنده يقين غير طبيعي في إن الرزق بإيد الله وإن اللي بيوسع على الناس في رزقها ربنا بيوسع رزقه وكان الكلام دا دايما على لسانه باختلاف الصيغ وكإنه محفور في قلبه
فانا كان رد فعلي الوحيد إني وافقت وقلت له إني هعطيهم هم الاتنين تلاتين جنيه في اليوم عشان كل واحد يخد ١٥ ويقسموا فلوس التحميل بمعرفتهم..
وعدى شهر وهم الاتنين معايا ويحصل الحاجه اللي عمري ما كنت احلم بيها
يطلع قرار من مجلس المدينة بنقل سوق الخضار والفاكهة والسمك من وسط البلد للحتة الفسحاية اللي في وش المحل عندي
ويتبدل الحال وبدل ما كان المحل بتاعي في حتة تعتبر مقطوعة يبقى في أحيا حتة في البلد
والشغل يتضاعف الطاق طاقين وتلاته وأربعه
ماكناش بنلاحق على الشغل
وبدل ما كان بيطلعلهم من التحميل بتاع خمسين جنيه هم الاتنين بقا الواحد بيطلعله من التحميل ييجي ميه
ومن كتر الشغل اللي بقا عندي بقيت أعطي للواحد منهم خمسين جنيه من المحل
الرزق وسع وبقا أضعاف
وكل يوم كان بيتأكد يقيني إن الرزق دا مش مبعوت عشاني أنا
دا مبعوت عشان الشاب الراضي القنوع اللي عنده يقين في قلبه إن اللي بيوسع على الناس في رزقها ربنا بيوسعله رزقه
وعدت سنين وبقا المحل اتنين وتلاته وهو لسه شغال معايا،، لكن بقا دراعي اليمين
والغريب إن عمر ما حد جه يسأله على شغل في المحلات ورده
حتى لو المحل فيه عمال كفايه
دايما كان يرد يقول_تعالى وربنا هيبعتلنا رزقك

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى