close
منوعات

محمود مقاط من غـ.ـزة يعمل في مخبز بشهادتي دكتوراة.. إليك قصته

غـ.ـزة – هل سبق لك أن اشتريت الخبز من دكتور؟ قد يبدو السؤال غريبا، لكن هذا ما يحـ.ـدث في غـ.ـزة، إذ يعمل الدكتور محمود عبد المعطي مقاط في مخبز صغير لإعالة أسرته، بعدما ضاقت به الحال للحصول على عمل في مجال تخصصه

“يا شيخ.. ويا دكتور”، بأحد هذين الوصفين ينادي زملاء محمود مقاط والزبائن عليه خلال عمله في مخبز لإعداد الخبز الخاص بلفائف الشاورما، الذي يعرف بـ”الخبز العراقي” أو “الفراشيح” باللهجة المحلية الدارجة.

خباز بدرجة دكتور

محمود مقاط من مواليد عام 1987، حامل لشهادة دكتوراه في الشريعة الإسلامية، ويمتاز عن زملائه في المخبز بلحـ.ـيته الطويلة الكثة وارتداء ملابس يعرف بها الدعـ.ـاة وخطباء المساجد في غـ.ـزة.

ويعمل مقاط في المخبز منذ ساعات الصباح الباكر وحتى الواحدة بعد الظهر، مقابل أجرة يومية تبلغ 60 شيكلا (أقل من 20 دولارا). وبرضا كبير بما قدره الله له، يقول للجزيرة نت، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة لم تفارقه طوال اللقاء به، “الحمد لله على كل حال.. أنا أعمل وغيري كثيرون لا يجدون فرصة عمل”.

هذه القناعة لا تتعـ.ـارض في نظر مقاط مع حلمه بعمل يستفيد به من علمه الشـ.ـرعي وشهاداته العليا، حتى إنه يبدي استعدادا للعمل في مجال التعليم ولو براتب أقل مما يحصل عليه في عمله بالمخبز.

ومنذ حصوله على شهادة الدكتوراه، حاول مقاط كثيرا الحصول على هذه الفرصة في الجامعات ومؤسسات التعليم لكن من دون جدوى، ولأسباب مختلفة “باب التوظيف مغلق حاليا، أو التخصص غير مطلوب، أو يلزمك شهادة خبرة لعامين تدريس في مجال التخصص نفسه”.

ويتساءل مقاط “كيف لي أن أكتسب الخبرة من دون فرصة عمل حتى لو كانت مؤقتة؟”، وبينما كان يجلس أمام الفرن يلتقط الخبز بأداة من حـ.ـديد، قال “توجهت لديوان الموظفين (هيئة حكومية) وصـ.ـدمت أن تخصصي في الشريعة الإسلامية ليس مدرجا حتى على قوائم من يحق لهم العمل على بند البطالة (العمل المؤقت)”.

شهادتا دكتواره

ورغم مرارة التجربة، فإن محمود مقاط غير نادم على دراسة الشريعة الإسلامية، ويقول “لو عاد بي الزمن لن أغير مجال دراستي.. فهذا العلم ينفعني في الدنيا والآخرة”.

وحقق مقاط إنجازا فريدا بحصوله على شهادتي دكتوراه في “الفقه المقارن” و”الشريعة الإسلامية” من جامعتين في لبنان والسودان بفارق زمني 3 أشهر، ويقول “اجتهدت على مدى 3 أعوام في إعداد دراستين لنيل درجة الدكتوراه، ونجحت في مناقشتهما عبر تطبيق زووم بسبب ظروف السفر المعقدة التي فرضتها جـ.ـائحة كورونا”.

ولم يمنع عمل مقاط في المخبز من نشره 12 بحثا علميا تناول فيها مواضيع فقهية مختلفة، ونشرها على شبكات ومواقع بحث إسلامية متخصصة على الإنترنت، وقال إنه يستقبل يوميا مكالمات هاتفية طلبا لاستشارات فقهية، فضلا عن التزامه بدروس دينـ.ـية وخطب جمعة تطوعية.

بطالة ذوي المؤهلات العليا

وبعزة نفس، يرفض مقاط التوجه إلى مؤسسات إغـ.ـاثية للحصول على مسـ.ـاعدات، إذ تنطبق عليه شروط الحصول عليها كونه يعيل أسرة كبيرة مكونة من زوجته و6 أبناء، هم بنت واحدة و5 ذكور، أحدهم في الثامنة من عمره ومصـ.ـاب بالسـ.ـرطان.

وبحسب بيانات رسمية وأهلية، فإن نسبة تتجاوز 80% من سكان غـ.ـزة (مليونيْ نسمة) يقبعون تحت خط الفقر، ويعتمدون في تلبية احتياجاتهم الأساسية على مسـ.ـاعدات إغـ.ـاثية تقدمها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجـ.ـئين الفلسـ.ـطينيين “أونروا” (UNRWA) وهيئات دولية ومحلية أخرى.

ويقول مقاط “صحيح أنني لا أعمل بشهادتي، لكنني أكسب قوت يومي، وأعتبر نفسي أفضل حالا من غيري، وهناك أمثالي من حملة الشهادات العليا، سواء عاطلون عن العمل أو يعملون في مهن شـ.ـاقة وأقل جدوى من عملي في المخبز”.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (مؤسسة رسمية) أن نسبة البطالة لدى خريجي الجامعات في مختلف التخصصات بلغت 78% في غـ.ـزة خلال العام 2020، في مقابل 35% في الضفة الغربية.

وبحسب بيان نشره الجهاز على موقعه الرسمي في يوليو/تموز الماضي حول “مجال الدراسة وعلاقته بسوق العمل”، فإن مؤسسات التعليم العالي الفلسـ.ـطينية خرجت في العام 2019 أكثر من 42 ألف طالب وطالبة في مجالات مختلفة، في حين لا يستوعب سوق العمل المحلي سوى 8 آلاف متخرج سنويا.

المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى