الأخبار

مقال رأي : هل انتهى شهر العسل بين تركيا وروسيا

صحيح أن هناك علاقة ودية تربط الرئيس، رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وأن تركيا وروسيا طرفان فاعلان إقليميين يتفقان في كثيرمن القضايا،

لكن التعاون الأخير بين البلدين ليس أبيض وأسود مثل العلاقات الخارجية والتحالفات بين البلدين خلال الحرب الباردة ولذلك فإن تسمية هذه المرحلة من التعاون بـ “شهر العسل” ، ستكون غير صحيحة.

خلال الأسبوعين الماضيين، شعرت تركيا بالقلق من مقتل 12 جنديًا تركيًا ومدنيًا في إدلب. تركيا وروسيا على وشك أزمة كبيرة في الوقت الحالي بعد أن استولت قوات النظام السوري بدعم روسي على سراقب، وتوغلت أكثر في إدلب واستعادت المناطق المحيطة بمراكز المراقبة التركية هناك .

غادر الوفد الروسي الذي جاء إلى تركيا في 7 شباط/ فبراير إلى الأردن دون أن يتمكن من التوصل إلى اتفاق مع نظرائهم الأتراك. ولم يحدث تغيير في المواقف عندما عاد الوفد الروسي في 10 فبراير.

تصر أنقرة على أن يلتزم النظام السوري باتفاق سوتشي ويعود إلى مواقعه السابقة بحلول نهاية فبراير، وأن تكون منطقة وقف التصعيد محمية.

إن التقدم المحتمل لقوات النظام السوري من شأنه أن يضر بحياة الملايين من المدنيين ويمكن أن يؤدي إلى مأساة إنسانية على غرار ما حدث في الغوطة الشرقية. تدعو أنقرة إلى أن تظل منطقة وقف التصعيد في إدلب ملاذًا شرعيًا مع تزايد مخاوف تركيا المتعلقة بأمن الحدود والتهديدات الإرهابية المستمرة، فضلًا عن عدم قدرتها على استيعاب تدفق محتمل آخر للاجئين الفارين من العنف.

يبدو أن النظام السوري مصمم على إعادة سيطرته على إدلب قد يكون هذا منطقيًا بالنسبة إلى الأسد، لأن الطريقين السريعين M4 وM5 اللذين يمران عبر إدلب يربطان اللاذقية وحلب بدمشق. ستكون أيضًا ضربة قاصمة للمعقل الأخير لقوات لمعارضة. مع هذه الحقائق على الأرض، يواصل النظام السوري هجماته لاستعادة إدلب والتقدم شمالًا، منتهكًا اتفاقية سوتشي بقصف المدنيين على مدار الساعة .

وما موقف موسكو من كل هذا؟ صمت ذكي. وإذا كان أن الوضع الأخير على الأرض يدفع بوضوح تركيا والنظام السوري إلى الدخول في صراع ساخن، فإن روسيا تلعب أوراقها لصالح الأسد. تبقى موسكو صامتة بشأن تقدم قوات النظام السوري في إدلب، وتتهم أنقرة أيضًا بالإخفاق في الوفاء بالتزاماتها وفقًا لما تمليه اتفاقية سوتشي.

تسببت الخطوات التي اتخذتها روسيا لتغيير الوضع على أرض الواقع، بوصفها أحد الضامنين للاتفاقية، في غضب شعبي كبير وخيبة أمل في تركيا. قبل الجمهور التركي روسيا شريكا موثوقا به في وقت قصير. بينما لا تزال تأخذ خطوات صغيرة في هذه العلاقة، فإن الإضرار بالثقة التي ولدت قد يؤدي إلى مزيد من الضرر.

تتوقع أنقرة من روسيا أن تضع في حسبانها علاقتها العامة بتركيا عند التصرف وأن تتصرف بمسؤولية أكبر.

إدلب ليست بأي حال الأزمة الوحيدة بين روسيا وتركيا، مثلما أن سوريا ليست مجال التعاون الوحيد بينهما. بين أنقرة وموسكو أيضًا تضارب مصالح في ليبيا حول قائد الانقلاب اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وفي حين تدعم أنقرة حكومة الوفاق الوطني المؤقتة المعترف بها في الأمم المتحدة في ليبيا، تدعم موسكو حفتر على أرض الواقع.

في الوقت الحالي، يبدو أن استهداف النظام السوري للمواقع التركية في إدلب، وموقف تركيا وروسيا في ليبيا سيؤديان إلى أزمات خطيرة بين البلدين.

على أنه لا يمكن إنكار أن العلاقات الروسية التركية لن تتدهور بالسهولة نفسها التي حدث في عام 2015، عندما أسقطت تركيا طائرة حربية روسية فوق أراضيها. لأنه، بعيدا عن مناطق النزاع، تسير روسيا وتركيا في مجالات معقدة من العلاقات والتعاون، بما في ذلك التعاون في مجالي الطاقة والدفاع.

بوضع كل هذه الأمور على الطاولة، يبدو أنه لا يوجد أبيض وأسود في العلاقات التركية الروسية. يعد بناء محطة أك كويو للطاقة النووية وتشغيلها، ومشروع السيل التركي، وشراء أنقرة أنظمة صواريخ روسية S-400 من الجوانب المهمة للتعاون طويل الأجل بين البلدين، في حين أن إدلب وليبيا ستظلان مسائل متضاربة. هذا هو اتجاه “الجغرافيا السياسية الجديدة” في المنطقة والواقع الجديد للجهات الفاعلة الإقليمية التي ستدفع البلدان إلى بناء جوانب جديدة لمستقبل مشترك.

لذا، فإن السعي لتحقيق تحالف استراتيجي يتطلب اتخاذ خطوات واعية. لا يوجد تحالف يديم نفسه بنفسه، بما في ذلك العلاقات الروسية التركية. لا ينبغي النظر إلى هذه الصداقة على أنها أمر مفروغ منه، بل إنها تتطلب حماية مستمرة، ويجب احترامها من الطرفين ودعمها بجهود رسمية. يجب أن تؤخذ هذه العلاقة في الحسبان على جميع المستويات من خلال التفاهم والثقة المتبادلين اللذين يجب تعزيزهما وسط الأزمات. وخلاف ذلك، يمكن أن تصبح العلاقات الودية عرضة للخطر بسهولة .

مريام إلايدا أطلس – ديلي صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى