Uncategorized

قصة حقيقية وعبرة لمن يعتبر

قصة حقيقية وعبرة لمن يعتبر
نقل لي أحد المعلمين هذه القصة بتفاصيلها..
المكان : مدرسة ابتدائية
الزمان : 1997
الصف : الأول الابتدائي

الفصل الدراسي : الأول
المهنة : معلم الصف الأول الابتدائي
رابع سنة لي في التعيين كمعلم ؛
وثالث سنة لي كمعلم للصف الأول الابتدائي.
كان الدرس الثاني من يوم أربعاء ؛ وكانت في مادة القراءة ..
بدأ الطلاب يعملون في حل تدريب كتابي ؛ انتهى البعض .
بدأت أتجول بينهم أصوب لمن انتهى منهم من الحل ..
كنت وما زلت صاحب مسبحة لا تفارق جيبي ولا يدي منذ مراهقتي ..
وبينما كنت منحني للتصويب لأحد التلاميذ ؛

وإذا بالمسبحة قد ظهر جزءًا منها من فتحة جيبي..
احسست بمن يعبث فيها ويلامسها بأصبعه الصغير ؛ ولم ألتفت ؛ والتزمت وضعيتي ..
أطلت التدقيق في التصويب ؛
ونظرت نظرة من تحت يدي فماذا شاهدت ؟!
أحد التلاميذ يداعب المسبحة العالقة من فتحة جيبي ويتبسم بهيام غريب !
اعتدلت .. أخرجت السبحة بهدوء ؛ ووضعتها بيده دون أن ألتفت إليه ؟

اتجهت للسبورة وعدت للشرح .
لمحت الصغير ..
وإذا به قد وضع المسبحة فوق الرحلة بين يديه ؛
يدعكها بقوة ثم يشمها ويسلهم بعينيه البريئتين الجميلتين .
تعجبت من تصرفه ولم أرغب أن يراني اراقبه .

قرع جرس نهاية الدرس ؛ وبدأ الأطفال يتوافدون للخارج .
وطفلي صاحب المسبحة باق في مكانه ؟!
ويفعل ماكان قد فعله !!
لم أنظر إليه .. تشاغلت بترتيب الصف والسبورة !
تقدم الطفل إليَّ وقال : بابا .. توقف ثم قال : استاذ سبحتك !

مددت يدي لأخذها ووسط شكري له ..
مسك الطفل يدي وقبلها .. وقال : أنا أحبك ياأستاذ ؟!
نزلت له جاثيا وقبلت رأسه .. وقلت له : وأنا أحبك وحضنته ؟
وإذا بقلبه يخفق !!
خرج من الصف وخرجت واستفهامات كثيرة

أن يقول لك طفل : أحبك . فهذا شرف كبير لا زيف فيه يعادل عندي مديح المدير ودرجة الأداء الوظيفي بامتياز وتقدير المشرف التربوي .
مشيت في داخل أحد أروقة المدرسة ؛
فرحاً .. يخالط فرحي الذهول !!
سبحان الله .. وإذا مدير المدرسة في وجهي .. وبعفوية سألته

أين ملفات طلاب الصف الأول الابتدائي .
فأشار مشكوراً إليها في مكتبه .

استأذنته وبدأت افتش عن ملف الطالب !!
فقال المدير : ماذا تريد … بالضبط ؟
فقلت : لا أعرف !!
فأبتسم وغادر .
وصلت لملف الطفل وفتحته ؟!
وصلت معلومات العائلة .. ماذا أرى ؟
وماذا أشاهد ؟!
صورة الأب لم تكن موجودة !!

وختمت بختم كتب مكانها ( متوفي ) !
إنه السر المؤكد .. تبينت لاحقاً أن والد الطفل قد توفي قبل دخوله المدرسة بشهر إثر حادث مروري – رحمه الله – وهذا الطفل اليتيم ابنه الأول !!
كان الطفل يتمنى أن يشاركه والده تجربته المدرسية ..!
فغيبته أقدار الله !!
وبلا نظريات علم النفس :
الطفل

وختمت بختم كتب مكانها ( متوفي ) !
إنه السر المؤكد .. تبينت لاحقاً أن والد الطفل قد توفي قبل دخوله المدرسة بشهر إثر حادث مروري – رحمه الله – وهذا الطفل اليتيم ابنه الأول !!
كان الطفل يتمنى أن يشاركه والده تجربته المدرسية ..!
فغيبته أقدار الله !!

وبلا نظريات علم النفس :
الطفل أرادني ( أب بديل ) أعوضه حنين الأب الذي غاب عنه ؟
ذلك الموقف .. غير مسار حياتي المهنية وعلاقاتي الإنسانية ..

بت أؤمن أن التربية قيمة ورسالة عظيمة
لاحقاً .. بدأت أعزز طفلي الصغير بالملامسة والسلام ومسح الرأس .
في الاصطفاف الصباحي .. اعتدت أن اتفقدهم واحد تلو الأخر .

وبعد الموقف .. اعتدت أن أقف بقرب هذا الطفل .
وأتابعه في اليوم الدراسي كاملاً ؛ وفي جميع المواد أتفقده .

نجح الطفل للصف الثاني .
وأذكر أنه كان يلعب كرة القدم في حصة التربية الرياضية ؛ فضربه أحد زملائه ..
انطلق باكياً …
وتعدى معلم التربية الرياضية الذي كان يحكم المباراة ..
دخل إلى غرفة المعلمين ..
وأتجه لي ودموعه تسيل من عينيه ..

وقال : فلان ضربني ؟؟

فقلت له : ماله حق .
فقال : قم احسب لي ضربة جزاء !!!
فقلت : أبشر .
خرجت معه للملعب المدرسي ..
وأعلنت احتجاجي عند الحكم ( معلم التربية الرياضية ) .
وهددته بأن أطالب بالحكم الأجنبي في المباراة القادمة ..
فامتثل جزاه الله خيرا ..
وأخذت الصافرة وأعلنت عن ضربة جزاء ( بأثر رجعي ) لصغيري.
سدد صغيري الكرة ..

ودوت صافرتي التي سمعها كل من في الحي معلنة الهدف ؛ وكنت أول من صفق بحرارة .
صغيري الآن قد تخرج من كلية التربية قسم اللغة العربية
لن أنساك يا ماجد ؛ فأنت – بعد فضل الله – من ألنت قساوة قلبي ؛ وعلمتني كيف يجب أن يكون ميدان التربية والتعليم ميدان لكل ضمير حي….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى