الأخبار

“لا نستحق هذا”.. التضخم يقسو على الأتراك مع تدهور تاريخي لليرة والاسعار ارتفعت 100%

“لا نستحق هذا”.. التضخم يقسو على الأتراك مع تدهور تاريخي لليرة

يواجه العديد من الأتراك صعوبات متزايدة، لا تنتهي، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وغيرها من السلع، خلال الأشهر الأخيرة.

وفي حين يؤثر ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية على بلدان عدة خلال “فترة النقاهة” من آثار وباء كوفيد-19، يقول خبراء الاقتصاد إن التضخم الذي يضرب تركيا تفاقم بسبب سوء الإدارة الاقتصادية والمخاوف بشأن الاحتياطيات المالية للبلاد، وسياسة الرئيس رجب طيب إردوغان التي تدفع نحو خفض أسعار الفائدة.

وبالنسبة لقدرية، التي تعمل بسوق في إسطنبول، فإن المال الذي تكسبه من بيع معجنات السمسم (سميط) لم يعد كافيا لشراء الطعام لطفليها، كما تقول لأسوشيتد برس.

وفيما تراجعت الليرة التركية إلى مستويات قياسية مقابل الدولار الأمريكي، خفض البنك المركزي في البلاد أسعار الفائدة، مما غذى المخاوف بشأن استقلاليته.

وقد أضر ارتفاع التضخم بمعدل شعبية إردوغان، الذي تميزت سنواته الأولى في السلطة باقتصاد قوي، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن تحالفا من أحزاب المعارضة، التي شكلت كتلة ضد حزب الرئيس الحاكم وحلفائه القوميين، يضيق الفجوة في الشعبية بينه وبين إردوغان بسرعة.

وتقول الحكومة التركية إن التضخم ارتفع بنسبة 20% تقريبا في أكتوبر مقارنة بالعام السابق، لكن مجموعة أبحاث التضخم المستقلة، التي تتكون من أكاديميين ومسؤولين حكوميين سابقين، وضعته قريبا من 50%.

وبالمقارنة، ارتفعت الأسعار الولايات المتحدة بنحو 6% عما كانت عليه قبل عام – وهو أكبر ارتفاع منذ عام 1990 – وتجاوز التضخم في دول الاتحاد الأوروبي الـ19، التي تستخدم اليورو 4%، وهي أعلى نسبة منذ 13 عاما.

ونتيجة لذلك، وصلت العملة التركية إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، عند 15 ليرات مقابل الدولار الأميركي الأسبوع الماضي، وفقدت نحو 85% من قيمتها منذ بداية العام.

وعادت الليرة وعوّضت جزءا من خسائرها قبيل اجتماع مرتقب، الخميس، للمصرف المركزي التركي يتوقّع أن يتقرّر خلاله خفض معدلات الفائدة للشهر الثالث على التوالي.

وفي حين يجادل البعض بأن ضعف الليرة يجعل المصدرين الأتراك أكثر قدرة على المنافسة، فإن الكثير من الصناعة التركية تعتمد على المواد الخام المستوردة التي ارتفعت أسعارها.

وهناك مخاوف بشأن تأثير إردوغان على السياسة النقدية، وقد عين أربعة محافظين للبنوك المركزية منذ عام 2019، وطرد مصرفيين قيل إنهم قاوموا خفض أسعار الفائدة.

وعلى النقيض من ذلك، رفعت البنوك المركزية في البلدان الأخرى التي ضربتها الأوبئة أسعار الفائدة، أو تفكر في القيام بذلك في الأشهر المقبلة، حيث يؤدي تزايد الطلب على الموانئ والمصانع ونقص العمالة وارتفاع تكاليف الطاقة إلى ارتفاع الأسعار.

وخفّض المصرف المركزي التركي معدّل الفائدة من 19 بالمئة في أكتوبر إلى 16 بالمئة الشهر الماضي وتم تخفيضها الى 14 بالمئة هذا الشهر

ويعني ذلك أن معدل الفائدة الحقيقي في تركيا سلبي، ومن شأن هذا الأمر أن يفقد الليرة قيمتها وأن يعطي الناس حوافز إضافية لشراء العملات الأجنبية والذهب.

ويقوم المستثمرون الأجانب بإغراق الأصول التركية، فيما يقوم الأتراك بتحويل مدخراتهم إلى عملات أجنبية وذهب، بحسب الوكالة.

ونقلت أسوشيتد برس عن أوزليم ديريكي سنغول، الخبير الاقتصادي والشريك المؤسس لشركة سبين للاستشارات، التي تتخذ من اسطنبول مقرا لها، قوله “لقد شهدت الأسواق المالية موجة بيع كبيرة بسبب هذا التدخل في استقلالية البنك المركزي”.

ويقول سنغول “هناك عوامل عدة تحرك التضخم وأسعار الأسواق المالية، لكن العامل المهيمن هو سياسة البنك المركزي”.

وفي الوقت نفسه، يصر إردوغان على أن الاقتصاد قوي، وأن البلاد تخرج من الوباء في حالة أفضل من غيرها.

وقال الرئيس التركي مؤخرا أن “الرفوف في أوروبا فارغة، وهي فارغة في الولايات المتحدة، الحمد لله، نحن مستمرون بوفرة ووفرة”.

وألقت حكومته باللائمة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية الباهظة على سلاسل المتاجر الكبرى وأمرت بإجراء تحقيق، أسفر عن فرض غرامات.

وأمرت الحكومة التعاونيات الزراعية بفتح ألف محل جديد فى جميع انحاء البلاد، فى محاولة للحفاظ على أسعار المواد الغذائية.

وفي الوقت نفسه، ارتفعت الإيجارات ارتفاعا هائلا، كما أن أسعار مبيعات المنازل، المرتبطة في معظمها بالدولار، آخذة في الازدياد.

وفي محاولة لتخفيف المعاناة، قال وزير العمل والضمان الاجتماعي، فيدات بيلجين، هذا الشهر إن الحكومة تعمل على تعديل الحد الأدنى للأجور، لحماية العمال من ارتفاع الأسعار.

بينما يرى الخبير سنغول أن “التضخم وانخفاض الدخل والتوزيع غير المتكافئ للدخل سيكون له آثار جانبية أكثر في 2022 و2023، إذا استمرت الحكومة في الإصرار على انخفاض أسعار الفائدة والسياسة النقدية الفضفاضة والاستعدادات للانتخابات”.

وترزح الليرة التركية تحت وطأة ضغوط إضافية من جراء مخاوف من رفع الاحتياطي الفدرالي الأميركي (المصرف المركزي) معدلات الفائدة بأسرع من المتوقع للتصدي لارتفاع التضخّم.

ويجعل هذا الأمر حيازة الدولار أكثر جاذبية ويدفع الاستثمارات للهروب من الأسواق الناشئة.

لكن محللين يشددون على أن غالبية مشكلات تركيا مردّها السياسات الاقتصادية غير التقليدية التي تركّز على النمو الاقتصادي على حساب ارتفاع التضخم وفقدان العملة قيمتها.

ومن شأن هذه التدابير أن تصب في مصلحة قطاع التصدير والشركات الكبرى، لكنّها تضر بالمواطنين العاديين الذين سيواجهون ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الاستهلاكية، وفق “فرانس برس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى