شاهد خطبة الجمعة اليوم في تركيا مترجمة إلى اللغة العربية
التَّارِيخُ: 13.11.2020
الْوُضُوءُ: صِحَّةٌ لِأَبْدَانِنَا، وَطُمَأْنِينَةٌ لِأَرْوَاحِنَا
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْكِرَامُ!
إِنَّ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي قُمْتُ بِتِلَاوَتِهَا: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ”[1]
أَمَّا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فَيَقُولُ رَسُولُنَا الْأَكْرَمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ الصَّلاَةُ وَمِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الْوُضُوءُ”[2]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ النَّظَافَةَ هِيَ مَسْؤُولِيَّةٌ يَقْتَضِيهَا الْإِيمَانُ وَلَا يُمْكِنُ الْاِسْتِغْنَاءُ عَنْهَا وِفْقاً لِلْإِسْلَامِ. وَإِنَّ دِينَنَا الْجَمِيلَ يَدْعُو مَنْ يَرْغَبُ فِي اِمْتِلَاكِ جَسَدٍ طَاهِرٍ نَقِيٍّ وَقَلْبٍ يَنْعَمُ فِي الطُّمَأْنِينَةِ وَرُوحٍ تَطَهَّرَتْ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، وَيَحُثُّهُ عَلَى الْوُضُوءِ.
وَهَكَذَا فَإِنَّهُ يُرِيدُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقِفَ فِي حَضْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَحْوٍ نَقِيٍّ وَطَاهِرٍ بَعْدَ أَنْ يَتَطَهَّرَ مِنْ النَّاحِيَةِ الْمَادِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ الْأَفَاضِلُ!
إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْظُرُ إِلَى الْوُضُوءِ عَلَى أَنَّهُ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَمْنَحَهُ أَجْرَ الْعِبَادَةِ مِنْ جِهَةٍ، وَأَنْ تَحْمِيهِ وَتَحْفَظَهُ مِنْ الْأَوْسَاخِ وَالْمَيْكْرُوبَاتِ مِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ. وَهُوَ بِالْوُضُوءِ يُعِدُّ نَفْسَهُ لِلصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ عَمُودُ دِينِهِ وَمِعْرَاجٌ لِرُوحِهِ.
كَمَا أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ لِلْقُرْآنِ الْكَرِيمِ. وَيَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ. وَهَكَذَا، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَقُومُ مِنْ جَانِبٍ بِتَنْظِيفِ وَتَطْهِيرِ أَعْضَائِهِ الْأَكْثَرَ عُرْضَةً لِلْاِتِّسَاخِ فِي الْيَوْمِ خَمْسَ مَرَّاتٍ عَلَى الْأَقَلِّ،
وَيَنَالُ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ هَذِهِ الْبُشْرَى لِرَسُولِنَا الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ يَقُولُ: “مَنْ تَوَضَّأَ فأحْسَنَ الوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ، حتَّى تَخْرُجَ مِن تَحْتِ أَظْفَارِهِ”[3]
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْأَعِزَّاءُ!
إِنَّنَا كَشَعْبٍ نَقُومُ بِمُكَافَحَةٍ شَامِلَةٍ لِوَبَاءِ كُوفِيدْ-19 الَّذِي أَلَمَّ بِالْعَالَمِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الطَّرِيقَ إِلَى تَحْقِيقِ النَّجَاحِ فِي هَذِهِ الْمُكَافَحَةِ يَمُرُّ عَبْرَ النَّظَافَةِ وَالْاِمْتِثَالِ لِقَوَاعِدِ اِرْتِدَاءِ الْكَمَّامَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَسَافَةِ.
وَلَا يَجِبُ أَنْ نَنْسَى أَنَّ الْوُضُوءَ هُوَ أَفْضَلُ إِمْكَانٍ بِالنِّسْبَةِ لَنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَظَافَةٍ مُنْتَظَمَةٍ وَدَقِيقَةٍ. إِنَّنَا أَفْرَادٌ لِثَقَافَةٍ تَتَّسِمُ بِالنَّظَافَةِ، نَشَأْنَا وَتَرَعْرَعْنَا مَعَ عَادَةِ الْوُضُوءِ مُنْذُ طُفُولَتِنَا.
حَتَّى أَنَّ عِبَارَةَ “اِنْتِقَاضُ الْوُضُوءِ” الَّتِي تَسْكُنُ أَلْسِنَتَنَا وَلُغَتَنَا تُعَبِّرُ عَنْ حَجْمِ الْأَهَمِّيَّةِ الَّتِي يُعْطِيهَا أَبْنَاءُ شَعْبِنَا لِلْبَقَاءِ عَلَى وُضُوءٍ طَوَالَ الْيَوْمِ.
إِنَّ وُضُوءَنَا الَّذِي هُوَ نَظَافَةٌ لِأَبْدَانِنَا وَسَكِينَةٌ لِأَرْوَاحِنَا، هُوَ الْحَامِي الْأَفْضَلُ فِي وَجْهِ الْأَمْرَاضِ الْمُعْدِيَةِ.
كَمَا أَنَّهُ يُسَاعِدُنَا عَلَى أَنْ نَكُونَ مُجْتَمَعَاً يَتَحَلَّى بِسَلَامَةٍ وَصِحَّةٍ أَكْبَرَ بِفَضْلِ النَّظَافَةِ الطَّبِيعِيَّةِ الَّتِي تَأْتِي مَعَ الْمَاءِ.
لِذَا، فَلْنَجْعَلْ مِنْ النَّظَافَةِ وَالرَّحَابَةِ الَّتِي يُوَفِّرُهَا الْوُضُوءُ لِتَكُونَ جُزْءاً مِنْ حَيَاتِنَا. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ وِفْقَاً لِلتَّعْبِيرِ الْقُرْآنِيِّ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ، “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ”[4]
[1] سُورَةُ الْمَائِدَة، الْآيَةُ: 6.
[2] سُنَنُ التِّرْمِذِيّ، كِتَابُ الطَّهَارَةِ، 1.
[3] صَحِيحُ مُسْلِمْ، كِتَابُ الطَّهَارَةِ، 33.
[4] سُورَةُ الْبَقَرَة، الْآيَةُ: 222.
المُدِيرِيَّةُ العَامَّةُ لِلْخَدَمَاتِ الدِّينِيَّة