أعـ.ـقل نساء العرب في الجـ.ـاهـ.ـلية استطاعت بذكائها وقف حـ.ـرب كادت تفـ.ـني الجميع فمن هي؟
الحَارِثُ بن عَوْف المري، من فر سان الجاهلية وسادات العرب، وأحد الذين حملوا ديات حرب داحس والغبراء مع هرم بن سنان، ثم أسلم الحارث بن عوف لاحقاً وحسن اسلامه
يٌروى أن الحارث بن عوف المرّي قال يوماً لهرم بن سنان المري:أتراني أخطب إلى أحد فيردّني؟
قال:نعم، قال: ومن ذاك؟ قال:أوس بن حارثة الطائي.فقال الحارث لغلامه: أرحل بنا.
ففعل. فركبا حتى أتيا أوس، فلما رأى الحارث بن عوف قال: مرحباً بك ياحارث، قال الحارث: وبك. قال أوس :ماجاء بك! قال الحارث: جئتك خاطبا، قال أوس: لست هناك – أي رفض تزويجه – فانصرف أوس ولم يكلم الحارث. ودخل على امرأته مُغضباً وكانت من بني عبس، فقالت: من الرجل الذي وقف عليك فلم يطل ولم تكلمه؟
قال: ذاك سيد العرب الحارث بن عوف، قالت: فمالك لاتستنزله؟ قال:إنه استحمق، قالت:وكيف؟ قال: جاءني خاطبا، قالت:أفتريد أن تزوج بناتك؟ قال :نعم، فقالت: فإذا لم تزوج سيد العرب فمن؟
قال، قد كان ذلك، فقالت:فتدارك ماكان منك، قال:بماذا؟ قالت: تلحقه فتردّه، قال: كيف وقد فرط مني مافرط إليه؟فقالت: تقول له:إنك لقيتني مُقتضباً بأمر لم يتقدم مني فيه قول،
فلم يكن عندي فيه من الجواب إلا ماسمعت، فانصرف ولك ماعندي كل ماأحببت! فإنه سيفعل، فركب في أثرهما، قال أوس: فرأيته فأقبلت على الحارث بن عوف ومايكلمني غمّاً، فقلت له: ياحارث لك ماطلبت. فدخل أوس على زوجته فقال لها: ادعي لي فلانه – يقصد أكبر بناته – فأتتهُ فقال:
يابُنية، هذا الحارث بن عوف من سادة العرب، قد جاءني خاطباً، وقد أردت أن أزوجك منه، فماذا تقولين؟ قالت: لاتفعل، قال: ولمه؟ قالت: أني امرأة في وجهي ردّة وفي خلقي بعض العهُدة، ولست بابنة عمه فيرعى رحمي، وليس بجارك فيستحي منك، ولاآمنُ أن يرى مني مايكره فيطلقني، فيكون عليّ في ذلك مافيه.
قال: قومي بارك الله فيك ادعي لي أختك وهي الوسطى فقال لها ماقال لأختها فأجابته بمثل جواب أختها وعددت عيوبها فقال: ادعي لي أختك الصغيرة فقال لها كما قال لهما فقالت الصغيرة: أنا الجميلة وجهاً، الصناع يداً، الرفيعة خلقاً، الحسيبة أباً، فإن طلقني فلا أخلف الله عليه بخير فقال: بارك الله عليك. فتزوجها الحارث بن عوف.
ثم أمر الحارث ببيت فُضرب له وأنزله إياه، فلما هم بها قالت: مــه إعند أبي وإخوتي هذا؟ والله مالايكون.
ثم أرتحل بها الحارث فسار ماشاءالله ثم انتحى بها ناحية، ولم يلبث أن عاد إليها، فقالت:أبنيت بأهلك؟ قال لا والله ؛ فقالت: أكما يُفعل بالأمة الجلبة؟ والسـ.ـبية الأخيذة؟ لا والله حتى ينـ.ـحر الجزر وتذ بح الغنم وتدعو العرب وتعمل مايعمل لمثلي.
يقول الحارث فقلت: والله إني لأرى همة وعقلاً، فرحل حتى قدم أهله وأحضر الأبل والغنم، ثم خلا بها ولم ينشب أن خرج، فقالت:أبنيت بأهلك؟ قال: لا، فقد أحضرنا من المال ماقد تريدين، فقالت:والله لقد ذكرت لي من الشرف مالا أراه فيك. فقال الحارث: وكيف؟ قالت: أتفرغُ للنساء والعرب يقـ.ـتل بعضهما بعضا؟
وكان ذلك في أيام حرب عبس وذبيان، حـ.ـرب داحس والغبراء – فقال الحارث: فماذا تريدين؟ قالت: أخرج إلى هؤلاء القوم فأصلح بينهم، ثم أرجع إلى أهلك فلن يفوتك. قال خارجة: والله إني لأرى همة وعقلاً، قالت: فاخرج بنا، فخرجنا حتى أتينا القوم فمشينا بينهم بالصلح، فاصطلحوا وحملنا عنهم الد يّات، فكانت ثلاثة الآف بعير في ثلاث سنين، فانصرفنا بأجمل الذكر.
الحـ.ـرب التي كانت تنـ.ـهي وجود العرب وأظهرت شخصيات الأبطال المعروفين
يُشار إلى أنّ داحس هو فرس لقيس بن زهير بن جذيمة العبسي، والغبراء هو فرس لحُذيفة بن بدر الفزاري، وقيل إنّ قرواش بن هني وهو رجل من بني عبس تجادل مع حمل ابن أخ حُذيفة في داحس والغبراء، فقال حمل إنّ الغبراء أجود، بينما قال قرواش إنَّ داحس أجود، وتراهنا عليهما عشراً في عشر، ووجب الرهان بينهما،
فنشـ.ـبت حـ.ـرب داحس والغبراء وهي حـ.ـرب جاهلية وقعت في أواخر العصر الجاهلي، وكانت بين بني عبس وبني ذبيان،واستمرت هذه الحـ.ـرب قرابة أربعين عاماً من الزمن، وتدلّ هذه الحرب على وحدة الجماعة الجاهلية، ووقوفها لنصرة نفسها، سواء أكانت ظالمةً أو مظــ.ـلومة، وكلّ ذلك من أجل إظهار منـ.ـعة القبيلة وقـ.ـوتها
يُذكر في سبب حـ.ـرب داحس والغبراء أنّ فرساً غلب فرساً آخر في سباق الجري، حيث بدأ سباق ورهان بين الفرسين؛ داحس والغبراء، وأجرى هذا السباق سيدا عبس وذبيان
وهما: قيس بن زهير، وحذيفة بن بدر، وكان من المتوقع أن يكون الفوز حليف داحس، ولكنّ رجلاً من ذبيان وضع لداحس كميـ.ـناً ونفّره، ممّا جعله يعدل عن طريق الفوز، فساعد ذلك فرس الغبراء بالفوز في السباق، ونتيجةً لذلك رفـ.ـض قيس الاعتراف بهذا السباق، وطلب الرهان المضر وب، ونشـ.ـب صد ام بين الفريقين، وبالتالي بدأت هذه الحـ.ـرب الطويلة بينهما، وسُميت باسم هذين الفرسين
انتهت حـ.ـرب داحس والغبراء من خلال تدخّل سيّدين من قبيلة ذبيان؛ وهما هرم بن سنان، والحارث بن عوف المرّى، حيث كفلا ديات القـ.ـتلى، وبالتالي انتـ.ـهت الحـ.ـرب،
وهكذا كانت أواصر العرب الجاهليـ.ـين قبل الإسلام مُقطّعة، وذلك لأنّ العصبية المذمومة كانت إحدى الصفات التي اتصفوا بها، والتي قادت إلى حـ.ـروب طاحـ.ـنة بين القبائل الجاهلية، وكان الهـ.ـجوم على الآخرين أحد عادات تلك القبائل، فكانت الحـ.ـروب تشتعل بينهم لأتفه الأسباب وأبسطها