التاريخ

قصة “هارون الرشيد” وابن السمّاك الكوفي وكأس الماء الذي دفع فيه “نصف ملكه”

قصة “هارون الرشيد” وابن السمّاك الكوفي وكأس الماء الذي دفع فيه “نصف ملكه”

إن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ولو كانت تساوي شيئاً ما سقى منها كافر شربة ماء، وكل الملك زائل إلا ملكه فأين الملوك الذين حكموا الأرض من قبل؟

وأين تيجانهم وحواشيهم وخدمهم وذهبهم وضيعهم وجيوشهم؟؟

قد يمر على الإنسان موقف يعرف فيه أن ملكه لا يساوي شيئاً أمام أمر تافه يكون بين يديه ولكن في ظرف ما يجد هذا الشيء يساوي أكثر من كل ما يملك.

كان أميرُ المؤمنين هارون الرشيد يغزو عامًا ويحج عامًا، وكان من أحسن الناس سيرة، فى نفسه ورعيته، فكان يتصدق من صلب ماله فى كل يوم بألف درهم،

وكان سريع العطاء جزيله، يحب الفقهاء والشعراء ويعطيهم، لا يضيع لديه بر ولا معروف، وكان يصلى فى كل يوم مائةَ ركعة تطوعًا إلى أن فارق الدنيا، إلاّ أن تعرض له علة، وإذا حج أحج معه مائةٌ من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج ثلاثمائة بالنفقة السابغة والكسوة التامة.

وفى أحد الأيام دخل محمد بن صبح السماك الكوفى على أمير المؤمنين هارون الرشيد، فوافق، ودخل فوجده يرفع الماء إلى فمه ليشرب فقال:‏ ‏ ناشدتك الله يا أمير المؤمنين أن تنتظر به قليلاً. فلما وضع الماء قال له:‏ ‏ أستحلفك بالله تعالى، لو أنك مـُنعت هذه الشربة من الماء، فبكم كنت تشتريها؟

قال:‏ بنصف ملكي.

قال:‏ ‏اشرب هنأك الله.

فلما شرب قال:‏ ‏ أستحلفك بالله تعالى، لو أنك منعت خروجها من جوفك بعد هذا، فبكم كنت تشتريها؟

قال:‏ ‏ بملكي كله. فقال:‏ ‏ يا أمير المؤمنين إن ملكا تربو عليه شربة ماء، وتفضله بولة واحدة، لخليق ألا يـُنافس فيه، فبكى هارون الرشيد، حتى ابتلت لحيته.

فقال الفضل بن الربيع، أحد وزرائه، مهلًا يا ابن السماك، فأمير المؤمنين أحق من رجا العاقبة عند الله بعدله فى ملكه، فقال ابن السماك، يا أمير المؤمنين، إن هذا ليس معك في قبرك غدًا،

فانظر لنفسك، فأنت بها أخبر، وعليها أبصر، وأما أنت يا فضل، فمن حق الأمير عليك، أن تكون يوم القيامة من حسناته، لا من سيئاته،

فذلك أكفأ ما تؤدى به حقه عليك.‏ ‏ لا شيء أجل من العافية، ولا يدوم ملك إلا بالعدل، ولا ينفع نفسًا إلا ما قدمت، يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئًا، ويوم لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم.

موقع كامسترو للسياحة العالمية من أفضل المواقع فى مجال السياحة انصح بزيارتة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى