Uncategorized

أحببت محلداً ..من اغرب القصص

نام خالد متأخرا كعادته، لم يوقظه إلا منبه الساعة الذي رن عشرات المرات، ضغط على زر الإيقاف ثم فتح عينيه ليجد الساعة تشير إلى السابعة والنصف صباحا، قام مفزوعا من مرقده فقد تأخر عن العمل، ارتدى ملابسه بسرعة ثم أغلق باب منزله وهرول باتجاه سيارته، أدار المحرك مرارا وتكرارا لكنه لا يعمل

الوقت يداهمه ولم يبقى أمامه سوى التنقل عبر الحافلة


بسرعة فائقة وصل إلى موقف الحافلات انتظر لبضع دقائق، قدمت الحافلة وبمجرد أن فتح بابها حتى بدأ التسابق على الظفر بمقعد، بصعوبة بالغة استطاع أن يخترق حشود الناس المصطفين أمام الباب، وما إن وضع قدميه على متن الحافلة بدأ يحدق بعينيه عن مقعد شاغر، وبعد بحث مطول أخيرا وجده، اتجه إليه ثم جلس وأخذ نفسا عميقا

صدفة أدار وجهه فوجد شابة محجبة تجلس بالمقعد المحادي له، كان خذها محمرا وتشد طرف ثوبها بيدها في الواقع كان التوتر والإحراج باديا عليها…ولتخفي توترها كانت تنظر إلى الإتجاه الآخر، تراقب العالم الخارجي من نافذة الحافلة


أما خالد عندما أحس بأنها متوترة أراد استفزازها فظل ينظر إليها مطولا ويبتسم…كان الدم يغلي في عروقها وبدأ العرق يتصبب من جبينها، فقررت محادثته، بصوت منخفض وبكلمات متلعثمة قالت له:

أرجوك هل يمكنك الإنسحاب من هذا المقعد؟؟
نظر إليها باستغراب ثم أجابها:


– أنسحب ولما؟؟ هل هذه الحافلة ملك لك؟؟ أم لأنك محجبة لا ترغبين أن يجلس قربك شخص أجنبي؟؟ آه ربما تخافين من أتحرش بك؟؟ هههههه اطمئني فأنت آخر واحدة قد تثير إعجابي

استمر في التهكم عليها قائلا:


– آسف سيدتي لن أغادر مكاني وإن كنت لا ترغبين في الجلوس قرب أحد اشتري سيارة خاصة بك…


تملكها غيض شديد وتمنت أن تصفعه بسبب كلامه المستفز، وقبل أن تنفجر في وجهه، حملت حقيبة يدها ثم انسحبت بهدوء، وما إن وفتح باب الحافلة حتى خرجت مسرعة قبل أن تصل إلى مقر عملها، أما هو فظل في مقعده لم يحرك أي ساكن بل كان يبتسم بسبب الموقف الغريب الذي تعرض له

ظلت ريم تنتظر الحافلة الموالية، ودمها أحرقه التوتر، بسبب ذلك المتغطرس ستتأخر عن أول يوم لها في العمل كممرضة جديدة بأحد المستشفيات.
مرت ساعة تقريبا، ثم وصلت ريم إلى عملها، دخلت إلى المشفى وهي تلهث، اتكأت على جدار باب مكتب الطبيب مدير المشفى، إلتقطت أنفاسها لبرهة، ثم طرقت باب مكتبه وهي تحمل في يدها ملفا أصفر اللون يحتوي على جميع أوراقها الرسمية

كانت يداها ترتجفان وهي تطرق الباب، فعقلها مشوش ويبحث عن عذر منطقي تفسر به للمدير سبب تأخرها…
بعد ثلاث طرقات فتح الباب فوجدت المفاجأة

مدير المشفى هو نفسه الشخص المتغطرس الذي كان يجلس قربها في الحافلة، بمجرد أن لمحت وجهه أحست بالذهول، وهو الآخر كانت معالم الدهشة بادية على محياه، نظر إليها وقال:
– أنت مجددا؟؟ لا تخبريني أنك جئت لتخبريني أنك قدمت شكوة ضدي؟؟ هههه

طأطأت رأسها وقالت:
– لا دكتور في الواقع أنا الممرضة الجديدة وهذه أوراقي الرسمية…
قدمت له الملف بيدين مرتجفتين، فابتسم وقال لها:


– ألن تغادري المشفى أيضا لأن به رجالا أجانب؟؟

أحست ريم بغضب شديد لأنه يكلمها بهذه الطريقة، لكن رغم ذلك إلتزمت الصمت…
كان خالد يتمحص في وجهها عندما خاطبها قائلا:


– يمكنك أن تباشري العمل منذ اللحظة وأول مهمة لك هي تنظيف أرضية المشفى؟؟
ابتلعت ريم ريقها ثم قالت:

– أنا أنظف الأرضية ولما؟؟
بابتسامة ساخرة أجابها:


– أجل ستنظفينها لأنك تأخرت ساعة عن العمل…هيا غيري ملابسك وابدئي التنظيف…مرحبا بك في المشفى…
كادت تموت من شدة الغيض، ومع ذلك اتجهت إلى الغرفة المخصصة بالممرضات، فغيرت ملابسها، ثم بادرت تنظيف المشفى، جميع الموظفين كانوا ينظرون إليها، البعض منهم متعاطفون والبعض الآخر مستهزؤون

تلك النظرات جعلتها تذرف الدموع، حتى بللت دموعها أرضيت المشفى…
في وقت جد متأخر أنهت عملها، ثم اتجهت إلى منزلها، ألقت بجسدها المرهق فوق السرير ثم غطت في نوم عميق…
في صباح اليوم التالي ذهبت إلى العمل في الوقت المحدد وباشرت عملها

مضت الأيام بسرعة، وكانت غالبا ما تلتقي بالدكتور خالد، سواء صدفة في رواق المشفى أو يدخلان سوية إلى غرفة العمليات، ودائما كانت ريم تتحاشى محادثته أو الإنفراد به..

وفي يوم من الأيام، عندما كانت ريم تتناول وجبتها الغذائية تحت شجرة بساحة المشفى، رفعت عينيها فوجدت الدكتور خالد متجها نحوها…


كانت نبضات قلبها تتسارع كلما اقترب منها، وعندما لم يعد يفصل بينه وبينها سوى متر واحد وقف وألقى التحية ثم قال:
– السلام عليكم، لما تتناولين غذاءك هنا ألا يتوفر المشفى على مطعم خاص بالموظفين؟؟
بكلمات مقتضبة أجابته:

– بلى، لكنني أفضل الجلوس وحدي…
استأنف خالد كلامه متهكما:


– آه نسيت أنك من حزب “حجابي عفتي” ولا تحبذين الإختلاط، سأسدي لك نصيحة، أزيحي تلك الخرقة عن رأسك ودعي أشعة الشمس تداعب خصلات شعرك، أنت في سن الزهور وعليك أن تعيشي الحياة ولا تظلي سجينة لأفكار تقليدية لا تسمن ولا تغني من جوع

احمر وجه ريم، وفي لمح البصر ترجلت من مكانها وأجابته:
– عذرا دكتور خالد، أظن أنك نسيت بأننا في مكان العمل ومهمتنا هي التعاون من أجل علاج المواطنين وإنقاذ حياتهم وليس التدخل في أمور شخصية، ولأصحح معلوماتك هذا الذي فوق رأسي حجاب وليس خرقة ثم إنني أعيش الحياة في أبهى صورها ولست بميتة

كلماتها كانت بمثابة صاعقة، لكنه لم يستسلم وواصل مضايقتها:


– صدق من قال “الدين أفيون الشعوب”، آنسة ريم خطابك كان ملهما، لكننك في الحقيقة لا تختلفين عن الأخريات، فيوما ما ستدخلين إلى مكتبي واضعة مساحق التجميل وترتدين بنطالا ضيقا، وتتمايلين في مشيتك…أنا متأكد أنك يوما ما ستدركين أنه لا وجود لهذه الأفكار التي تعشش في ذهنك وأن كل ما قرأته عن الإسلام وعن مختلف الديانات مجرد زيف لا أكثر…أأخبر بسر؟؟ ”

الكتب السماوية ووجود الله” أكبر كذبة اخترعتها البشرية، فمنذ ولادتي إلى الآن لم أرى الله في أي مكان ولا في أي صفة؟؟ فهل حقا الله موجود يا آنسة ريم؟؟ ههههه طبعا ستقولين أجل وقد تسبينيني وتسردين علي عشرات القصص التي تثبت وجود الله، لكن لأختصر الكلام ولأوفر عنك عناء الشرح، أنا ملحد يا آنسة، ولن يقنعني أحد بتغيير معتقداتي

ترقرت الدموع في عيني ريم، صدمت عندما سمعت الدكتور خالد يقول هذا الكلام الفضيع، فأجابته:
– ما دمت مقتنعا، فلن أغير رأيك، لكن متأكدة أنه يوما ما ستدرك وجود الله بل ستتوسل إليه وتطلب عونه واستجابته، فأتمنى حينها أن يستجيب لك

انسحبت ريم وهي تبكي، أما خالد فظل واقفا يتأمل كلماتها الغريبة وغير المفهومة…
عادت إلى منزلها، استلقت فوق سريرها وظلت لمدة طويلة تفكر في الدكتور خالد، ظلت تتساءل كيف يمكن لشخص ملحد أن يعيش مطمئن البال متصالحا مع نفسه، إلى من يلجأ عندما تداهمه الأحزان وتطوقه المشاكل؟؟

إلى من يشكي همه فيستمع له دون ملل أو كلل؟؟ الذي ينكر وجود الله من يشفيه إذا مرض؟؟ من يرزقه إذا جاع؟؟ من يأتي بالشمس من المشرق؟ من خلق هذا الكون؟؟

بللت ريم وسادتها بالدموع ثم غطت في النوم، أما خالد فلم يغمض له جفن، أمضى الليل بطوله في شرفته، يرتشف قهوته ويستنشق سجارته، كان محبطا للغاية، يفكر في ريم، تلك الفتاة التي واجهته بقوة وشراسة، ظلت متمسكة بمبادئها ولم تخشى من الرد على تهكمه المتواصل…

في اليوم التالي، تعمد خالد استفزاز ريم، راقبها من نافذة مكتبه فوجدها تجلس في مكانها المعتاد، تأخذ قسطا من الراحة، بعدما تعبت في عملها، فخرج من مكتبه مسرعا، إلتقى بزميلته الدكتوره هناء فطلب منها مرافقته إلى حديقة المشفى،

مر بجانب ريم وهو يمسك يد الدكتورة هناء، يداعبها ويضحكان بصوت مرتفع، بمجرد أن لمحته ريم تمالك نفسها وأخفت غيضها، ثم أدارت وجهها بالإتجاه المعاكس كي لا يعلم أنها متضايقة

قطعة الشكولاتة التي كانت تأكلها ريمـ فجأة أصبحا طعمها مالحا، لقد اختلطت بالدموع…


غادرت ريم على الفور المضفى قبل إنهاء دوامها، استقلت سيارة أجرة واتجهت إلى منزلها، طول الطريق كانت تذرف الدموع، جميع الركاب معها يتساءلون عن سبب بكائها، لا كنها لا تستطيع إخبار أحد لأنه ببساطة لن يفهمها أحد، وكيف لهم ذلك؟؟ وهي نفسها عجزت عن تفسير الحالة الهستيرية التي تعيشها

عندما وصلت إلى منزلها أغلقت الباب وأجهشت في البكاء، لقد أدركت وفي وقت متأخر أنها وقعت في حب الدكتور خالد، لكن في قرارة نفسها كانت تقول:


– يا إلهي لا يعقل ذلك؟؟ كيف يمكنني أن أحب شخصا ملحدا؟؟ لا يستحيل ذلك…يا الله تبثني أرجوك أعني على نفسي وخلصني من هذه المشاعر القاتلة

بعدما خارت قواها استلقت فوق سريرها، وغطت في النوم، فلم تستيقظ إلا على نداء والدتها التي أيقضتها لأداء صلاة المغرب…
أما خالد فكان في قمة السعادة، أخيرا أوقع ريم في شباكه، لقد رآها عندما غادرت المشفى وهي غاضبة من تصرفاته، هذا الحدث جعل خالد متحمسا للخروج في نزهة رفقة أصدقائه

عندما كان يتمشى في الشارع رفقة أصدقائه، عن طريق الصدفة لمح ريم مع شخص آخر، كانت عيناها تتلألأ وهي تمسك بيده وتضع كفها بحنان ورفق على خذه…في تلك اللحظة، كاد يغمى على خالد، انقبض قلبه، وبدأ العرق يتصبب من جبينه…لم يعرف ما الذي دهاه؟؟ فقرر الإعتذار لأصدقائه والمغادرة إلى منزله

في اليوم الموالي، طلب خالد من ريم القدوم إلى مكتبه، فنفذت طلبه، طرقت الباب ودخلت فوجدته بانتظارها، كان وجهه متجهما وشرارة الغضب تخرج من عينيه، ظل صامة لمدة طويلة وهي واقفة مرتبكة تنتظره أن يخبرها سبب استدعائها
اقترب منها ونظر إليها ثم قال:

– كنت أعرف أنك لا تختلفين عنهم، أنت أيضا حرباء تختبئ وراء ما يسمى بالحجاب، أي حجاب هذا وأنت تضمين أحدهم في الشارع وتضحكين معه؟؟


سكت لبرهة، ثم واصل تقدمه نحوها وأمسك يدها بقوة وقال لها:
– هيا أزيحي هذا القناع ولا تمثلي دور العفيفة لأنه لا يليق بك، ألا يمكنك ملامسة خذي كما فعت مع ذلك الشخص البارحة؟؟
أفلتت ريم يدها ثم صفعته بقوة على وجهه وبدموع حارقة قالت:

– أنا أشرف من الشرف نفسه، أفضل الموت على أن تلمسني، ذلك الشخص الذي ضممته هو أخي، وهذه الصفعة اعتبرها طلب استقالتي…كنت أعرف أنك ملحد وبلا دين ولا ملة، لكنني تأكدت الآن أنك بلا أخلاق وبلا ضمير…


غادرت ريم مكتبه وهي تبكي، أما هو فظل متجمدا في مكانه، اندهش من تصرفاته الغبية وغيرته الزائدة التي جعلته يفقد ريم للأبد…
طبعا بعد هذا الموقف اختلفت نظرة ريم للدكتور خالد، إلا أن قلبها وللأسف لازال متعلقا به…


ليتخلص خالد من الغضب الذي يتملكه، اتجه إلى الحانة حيث ينتظره صديقه معاذ، وما إن وصل إلى هناك حتى بدأ باحتساء الشراب، رشفة برشفة كأسا بعد كأس إلى أن ثمل، كان يهذي ويقول لصاحبه معاذ:

– كل هؤلاء الذي في هذه الحانة يدعون أنهم مسلمون، أجل طول الأسبوع مسلمون ويؤدون الصلاة لكن بمجر أن تحل ليلة السبت تجدهم مصدفين أمام أبواب الحانات والمقامر، يحتسون الشراب ويزنون، ليستيقظوا صباح الأحد وكأن شيئا لم يحدث يواصلون أكاذيبهم ونفاقهم وادعاءاتهم، أهذا هو الإسلام؟؟ الإسلام لم يوصي بالنهب والسرقة وارتكاب المعاصي…أتعلم يا معاذ؟؟

كل من في هذا البلد ليسو بمسلمين بما فيهم ريم؟؟ أجل ريم أيضا ليست مسلمة، لأن الإسلام يدعوا إلى الرفق والرحمة وريم لم ترحم قلبي…تلك الغبية لم تعلم أنني أحببتها منذ الوهلة الأولى…لم تجدبها وسامتي…لم تستطع قراءة أعيني بل غضت البصر…وطبعا لن ترتبط بي، بدعوى أنني ملحد…يالها من غبية؟؟ الملحد أيضا له قلب…لكنها لا تدرك ذلك….

عندما تيقن معاذ من أن صديقه يهدي وقد يتسبب بمشاكل، سحبه بقوة من ذراعه وأخرجه من الحانة، أدخله إلى سيارته، ورافقه إلى المنزل، لأنه لا يستطيع القيادة بهذه الحالة…

كان معاذ يقود السيارة بسرعة فائقة، ويردد مع خالد كلمات الأغنية المشغلة بصوت مرتفع، موسيقى صاخبة وضحك هستيري، وعقل شبه غائب جعل معاذ يفقد السيطرة على السيارة فارتطمت بعمود كهرباء…

فتح خالد بصعوبة عينيه فوجد نفسه محتجزا في السيارة التي انقلبت، أدار وجهه فلمح صديقه معاذ غارقا في دمائه لا يحرك أي ساكن، يبدو أنه فارق الحياة، ذلك المشهد المرعب جعل خالد يصرخ بأعلى صوته طالبا للنجدة، لكن لا أحد يسمعه، الجرح في صدره يؤلمه وينزف بشدة، يحاول الخروج من السيارة لكن دون جدوى، إنه محتجز،

في تلك اللحظة بالذات، رفع عينيه إلى السماء فتذكر كلام ريم، عندما أخبرته أنه يوما ما سيناجي الله ويسكون في أمس الحاجة إلى مساعدته، ترقرق الدمع في عيني خالد، وبكلمات متلعثمة قال: يا إلهي أنقذني أرجوك…أتوسل إليك…بعزتك وجلالك ساعدني…

خالد الشخص الملحد لأول مرة يناجي الله بهذه الطريقة، لقد أدرك أخيرا أنه لا منجى ولا ملجأ من الله إلا إليه…لا أحد يسمعه ولا أحد قادر على إنقاده سوى الله…
رد الله كان سريعا، فأرسل له رجلين كانا مارين على نفس الطريق، فأنقدوه، أخرجوه بصعوبة من السيارة ونقلوه إلى المشفى رفقة صديقه معاذ الذي فارق الحياة…

أمضى خالد قرابة شهر في المشفى، فكان ذلك الشهر كافيا له ليعيد ترتيب أفكاره ويخرج من الفوضى التي عاشى فيها لسنوات وهو بعيد عن الله، كان يبكي وبحرقة كلما تذكر أنه كان سيموت دون أن يتوب إلى الله، كيف كان سيلقى الله وهو ثمل، كيف سيلقى الله بكل تلك الذنوب والمعاصي التي أثقلت كاهله؟؟

عندما خرج خالد من المشفى أصبح شخصا مختلفا تماما، فبعدما أدرك عطف الله ورحمته توطدت علاقته به فأصبح يؤدي صلاته في وقتها وفي الصف الأول بالمسجد، وفي ساعات فراغه يرتل آيات الذكر الحكيم، يتصدق يساعد الناس…باختصار قلبه المتحجر أصبح لينا…

أما ريم فهي الأخرى كانت قد بدأت حياة جديدة وفي مشفى لآخر، لكنها لم تنسى خالد بل كانت تدعو له دائما بالهداية والصلاح…وأن يعوضها الله بأفضل منه…

في ذات الأيام، عندما كانت ريم عائدة من العمل لمحت خالد وهو يدخل إلى المسجد، لم تصدق ما رأته، فاتصلت بإحدى زميلاتها بالمشفى السابق الذي كانت تعمل به، سألتها بطريقة غير مباشرة عن الدكتور خالد، فأخبرتها بكل ما حدث في غيابها، وأن خالد أصبح شخصا ملتزما…

كاد قلب ريم يطير من الفرح عندما سمعت الخبر، لكنها في نفس الوقت حزينة، لن تراه مجددا، لن تحدثه، لن تسمع كلماته المستفزة، ففي جميع الأحوال هو شخص أجنبي ولا يحل لها…
عادت ريم إلى منزلها، فاستقبلتها والدتها بابتسامة عريضة، ثم قالت لها:

– هيا جهزي نفسك بسرعة، لدينا ضيوف، أظن أن زفافك سيكون عما قريب، لقد تقدم لخطبتك شاب لطيف ومؤدب…
اندهشت ريم من كلام والدتها، وعوض أن تشعر بالسعادة، أحست بغصة وبحرقة في قلبها، فهي لا طالما تمنت أن ترتبط بخالد الذي أحبته بكل جوارحها…

غيرت ريم ملابسها، واتجهت إلى الصالة، دخلت بخطى متتاقلة وهي مطأطئة الرأس، ألقت التحية وجلست قرب والدتها، بعد برهة رفعت رأسها فوقعت عينها على خالد الذي يجلس أمامها مباشرة، إنه العريس الذي تقدم لخطبتها، كانت ستطير من الفرح، عندما رأته ينظر إليها ويبتسم…أخيرا استجاب الله لدعائها وجمع بينهما في الحلال

بمجرد أن عقد خالد قرانه بريم، أمسك بيدها وقال:


” أنت الآن حل لي وأنا حل لك فلا تحاولي الهروب مجددا”
ابتسمت ريم وشدت على يده ثم أجابته:
” لا لن أفعلها مجددا”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى