Uncategorized

هل تسائلت يوما..ما الذي سهّل التطبيع بين تركيا والإمارات.؟

أحدثت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدولة الإمارات العربية المتحدة، للمرة الأولى بعد 9 سنوات، صدى واسعا، واهتمت بها الصحافة العربية والغربية، إلى جانب الاهتمام الكبير للرأي العام الخليجي.

ويعود هذا الاهتمام الكبير بالزيارة إلى سببين رئيسيين، أولهما اكتساب التحول في السياسة الخارجية الذي بدأته تركيا في الفترة الأخيرة زخما مع زيارة الرئيس أردوغان للإمارات، والسبب الآخر هو الاتفاقيات الموقعة خلال الزيارة في مختلف القطاعات مثل السياحة والصحة والتجارة والدفاع.

ـ مرحلة ترميم العلاقات

شكلت فترة الربيع العربي التي بدأت عام 2010 مرحلة حساسة في العلاقات التركية الإماراتية. إذ أدى إصرار الدولتين خلال تلك الفترة على اتخاذ مواقف سياسية مضادة لبعضها فيما يخص القضايا الإقليمية إلى قطيعة في العلاقات السياسية.

ففي تلك المرحلة كانت رؤية تركيا الداعمة لمطالب التغيير المجتمعية في الشرق الأوسط سببا رئيسيا في التوتر مع دولة الإمارات التي كانت رؤيتها تدعم الحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن.

ورغم تسبب تناقض الرؤى حول القضايا الإقليمية في أزمات سياسية، فإن العلاقات التجارية بين تركيا والإمارات خلال تلك الفترة استمرت في التقدم دون التأثر كثيرا بالخلاف السياسي.

ففي حين كان حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2013 حوالي 10 مليارات دولار، بلغ 8 مليارات في 2021 رغم كل الأزمات السياسية وتداعيات وباء كورونا، ما يثبت أن التوتر السياسي بين البلدين لم ينعكس كثيرا على الجانب الاقتصادي.

ويجب أن يُقيم عزم البلدين اليوم على إنهاء الأزمات السياسية التي حدثت في الماضي على أنه رد فعل من إدارتيهما تجاه التغيرات الجذرية الحادثة بالمناخ السياسي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وكان إنهاء الحصار المفروض على قطر، عقب وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة (يناير/ كانون الثاني 2021)، وتجاوز عدم الاستقرار الذي تسببت به الحرب في اليمن حدود البلاد، وبدء امتدادها لدول أخرى، والتنافس الاقتصادي الذي ظهر بين الاقتصادات الريعية التقليدية بمنطقة الخليج، ورغبة تركيا والإمارات في الحصول على حصة خلال مرحلة التعافي الاقتصادي عقب وباء كورونا، من العناصر التي شجعت كلا البلدين على بدء مرحلة ترميم العلاقات بينهما.

ومع ارتفاع تكلفة التنافس بين البلدين بات ترميم علاقاتهما أمرا حتميا، ومن الأمور التي سهلت مرحلة التطبيع بين تركيا والإمارات عدم وجود مشاكل جذرية بينهما مثل المشاكل الجذرية التي تشهدها علاقات تركيا مع بعض الفواعل الإقليمية مثل إسرائيل.

ـ الفوائد المحتملة للزيارة

لعل العامل الأهم الذي شجع البلدين على رفع مستوى علاقاتهما هو التطلعات الاقتصادية لكليهما والمخاطر التي تواجههما. ففي السنوات الأخيرة واجهت تركيا صعوبة في الحصول على حصتها المستحقة من التجارة الدولية بسبب الصراعات والتوترات في مناطق القوقاز والشرق الأوسط وشرق أوروبا.

وسيؤدي تطوير علاقات أنقرة وأبوظبي إلى مساهمات مهمة في الاقتصاد التركي كون الإمارات تعد العاصمة التجارية والاقتصادية للشرق الأوسط وجنوب آسيا وحتى إفريقيا. وسيؤدي وصول البضائع التركية بسهولة للسوق الإماراتية، إلى تعزيز القوة التنافسية الاقتصادية لتركيا في مناطق الشرق الأوسط وجنوب آسيا وإفريقيا.

ويمكن التوقع بأن المشاكل الاقتصادية التي سببها التراجع الحاصل خلال السنوات الأخيرة في الاستثمارات المباشرة في تركيا ستقل مع الاستثمارات التي ستأتي من الدول الغنية بالنفط مثل الإمارات.

وسيتيح التعاون الوثيق مع تركيا صاحبة أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، فرصا مهمة للإمارات التي تواجه صعوبة في المنافسة مع بعض الفواعل الإقليمية مثل السعودية التي تسعى لتخليص اقتصادها من الاعتماد على النفط.

كما أن التغيرات التي مر بها الأمن الخليجي والثغرات الأمنية في المنطقة تجعل العلاقات الوطيدة مع تركيا في غاية الأهمية لدولة الإمارات.

ـ أصداء الزيارة في الصحافة الغربية

نرى أن زيارة أردوغان للإمارات قد لاقت اهتماما كبيرا ومتابعة دقيقة من الصحافة الغربية والخليجية إضافة إلى الرأي العام الغربي.

وتربط الصحافة الغربية الزيارة بمساعي تركيا لتجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها في الفترة الأخيرة. كما ترى التحليلات الصادرة في الغرب أن تراجع المخاوف من جماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط من جانب الدول المهتمة بالحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن مثل الإمارات يعد من العناصر التي ساعدت على إذابة الجليد بين البلدين.

ـ أصداء الزيارة في الصحافة الخليجية

نرى أن الصحافة الخليجية ركزت على النتائج السياسية للزيارة أكثر من الفوائد الاقتصادية. إذ اهتمت كبرى المؤسسات الصحفية بالمنطقة في مقالاتها الرئيسية حول الزيارة بمفاهيم الأمن والسلام الإقليميين، والاستقرار السياسي.

ويرجع اهتمام الصحافة الخليجية بإبراز الجوانب المذكورة إلى ظهور إرهاصات لانتشار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها دول مجاورة في المنطقة مثل اليمن وسوريا ولبنان وأفغانستان، إضافة إلى تراجع الضمانات الأمنية الأمريكية التي تكفلها للخليج منذ الحرب العالمية الثانية.

كما برزت في المقالات التي تناولت الزيارة توقعات وتطلعات لقيام تركيا بتطبيع علاقاتها مع دول أخرى بالمنطقة مثل مصر والسعودية.

ـ رسائل ما بعد الزيارة

ستكون لزيارة الرئيس أردوغان إلى الإمارات وللرسائل التي بعث بها خلال تلك الزيارة نتائج مهمة في الداخل والخارج، ويجب أن نقرأ هذه الزيارة على أنها إشارة قوية لتغير كبير في الخط الذي تتبعه السياسة الخارجية التركية منذ أكثر من 10 سنوات.

كما أن للزيارة أهمية خاصة، كونها تعد مؤشرا على رغبة تركيا في تطبيع علاقاتها مع الدول المهمة في المنطقة مثل مصر والسعودية وإسرائيل.

وسيتيح التعاون الوثيق بين أنقرة وأبوظبي فرصا اقتصادية كبيرة للبلدين، وسيجعل تركيا لاعبا مهما في الهيكل الأمني الذي يعاد تشكيله في منطقة الخليج.

موقع كامسترو للسياحة العالمية من أفضل المواقع فى مجال السياحة انصح بزيارتة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى