الأخبار

هذا ماذا سيحدث للذهب لو تم إطلاق رصاصة واحدة..

ارتفعت أسعار الذهب الخميس، صوب أعلى مستوياتها في ثمانية شهور، والذي سجلته هذا الأسبوع مع انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية بينما دفعت تقارير عن إطلاق قـ.ـذائف مورتر في شرق أوكرانيا المستثمرين إلى اختيار السبائك الآمنة.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.4 في المئة إلى 1876.41 دولار للأوقية، ليحوم قرب أعلى مستوياته منذ يونيو/ حزيران والذي بلغه يوم الثلاثاء عند 1879.48 دولار. وصعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.4 في المئة إلى 1878.40 دولار.

وقال نيكولاس فرابيل، المدير العام العالمي لدى «إي.بي.سي بوليون»: إن السوق حساسة جداً للأخبار الخاصة بأوكرانيا وروسيا.

وتلقى الذهب دعماً أيضاً بعدما ألمح محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) الشهر الماضي إلى أن البنك لن يتخذ خطوات كبيرة نحو تشديد السياسة النقدية مثلما كانت تخشى الأسواق.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، نزل سعر الفضة في المعاملات الفورية 0.1 في المئة إلى 23.53 دولار للأوقية

وصعد البلاتين 0.7 في المئة إلى 1068.57 دولار في أعلى مستوى منذ ثلاثة أشهر، بينما زاد البلاديوم 1.8 في المئة إلى 2321.38 دولار. (رويترز)

بغضّ النظر عن احتمال وقوع الحـ.ـرب، إلا أن المؤكد هو أن روسيا والصين بدأتا تعدان العدة للانعزال عن الاقتصاد العالمي الذي يؤدي فيه الدولار الأميركي دوراً مهماً.

هذا الانعزال يهدف إلى إعادة التركيز على دور احتياطي الذهب كمقوم للعملات. لهذا، تسارع كل من روسيا والصين، وحتى الدول الأوروبية، إلى شراء أطنان من الذهب بوتيرة عالية.

وتقول وكالة “بلومبيرغ” إن الصين عززت مشترياتها من الذهب بنحو 100 طن منذ مطلع الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وذكرت وكالة “شينخوا” الصينية الرسمية أن بكين حققت زيادة في مخزون الذهب في خطة بدأت بها منذ العام 2018. وفي العام نفسها

عززت أيضاً البنوك المركزية بقيادة روسيا احتياطاتها من الذهب أكثر من أي وقت مضى منذ العام 1971، وهو العام الذي تخلت فيه الولايات المتحدة عن الذهب كمقوم للعملة، فهل تعد حرب أوكرانيا الشعرة التي ستقصم ظهر البعير، عبر تنحية الدولار عن الاقتصاد العالمي بإعادة تعويم الذهب؟

ثمة هلع إعلامي وترقب وحذر شديد مما ستؤول إليه مفاوضات روسيا وأميركا التي لا تبشّر بالخير، إذ تنتهي دائماً بعبارة “اتفقوا على أن لا يتفقوا”.

هذا ما يزيد حالة الخوف عند الدول التي ستسارع إلى زيادة احتياطها من المعدن الثمين الذي يحاكي تحديات الأزمات، ولا سيما وقت الحرب، فلطالما كان الذهب ملاذاً آمناً للبنوك المركزية حول العالم

وهو يعدّ ملجأ مهماً في الأزمات، يعتمد عليه في تنويع أصول الاحتياطات بعيداً عن العملات المتقلبة، وخصوصاً الدولار، في حالة الصين، بحسب “فايننشال تايمز”.

زيادة الطلب على هذا المعدن ستؤدي حتماً إلى رفع سعره، نتيجة لقانون العرض والطلب. لهذا، تشير التقارير إلى أن التداول بسعر أونصة الذهب حالياً يدور حول سعر 1820 دولاراً تقريباً.

وبحسب عدد من الخبراء، إن أي هجوم روسي على أوكرانيا سوف يدفع إلى اشتعال أسعار الذهب، وقد يقود أونصة الذهب إلى الصعود نحو 2000 دولار على أقل تقدير في البورصة العالمية.

حظوظ الذهب بارتفاع سعره لا ترتبط فقط بالحرب المنتظرة في شرق أوروبا، بل أيضاً بسلسلة قرارات دولية اعتمدتها دول تشكل العدائية المطلقة لأميركا

دول باتت تدخل النظام الاقتصادي العالمي، ليس من باب هدمه، لكن من باب تغيير شكله ونقله من الأحادية القطبية المسيطرة إلى التعددية القطبية، بحيث يسير هذا النظام الدولي بالتوافق والحوار.

وفي هذا السياق، أقدمت مجموعة دول شانغهاي على استبدال الدولار في التبادل التجاري بينها واستخدام عملاتها الوطنية، وفقاً للتغطية الذهبية لكل عملة.

هذه الخطوة، كما غيرها من الخطوات، تعتمدها الصين في الالتفاف على العقوبات الأميركية على إيران على سبيل المثال، كاعتماد طريقة “المقايضة” في السلع، الأمر الذي لا يحتاج إلى عملات نقدية في هذه العملية.

وقد وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بكين للقاء نظيره الصيني وانغ بي الجمعة 21-1-2022، من أجل تفعيل بنود الاتفاقية التي وُقعت بين البلدين في العام 2020.

في ظلّ المعمعة السياسية بين الغرب وروسيا والصين، ووسط الضبابية المسيطرة على حالة أوكرانيا وشبح الحرب الذي يدور حولها، يلجأ الروسي وشريكه الصيني إلى سياسة الانعزال عن الاقتصاد العالمي الذي يؤدي فيه الدولار الأميركي دوراً مهماً.

ويقول المحرر في جريدة “غولد نيوزليتر” برين لوندين: “رغم أن الذهب لا يزال يمثل نسبة متواضعة من أصول الاحتياطات لدى الصين وروسيا، فإنهما يريان أن قيمته ستصبح أكبر مع الزمن، فيما ستتراجع قيمة الدولار”.

أخيراً، تبقى العلاقة بين الذهب والدولار مثل علاقة القط والفأر؛ كلما ارتفعت أسعار الذهب، انخفض سعر صرف الدولار، وهي حتماً علاقة عكسية.

لهذا، قد يكون الشريكان الروسي والصيني اتخذا قرار هزّ الدولار عن عرش الاقتصاد العالمي، وهو ما يؤكّد حتمية الحرب في أوكرانيا، بعدما أدركا أن الغرب بات يحاربهما في عقر دارهما، بعد انسحاب أميركا من أفغانستان. وكانت أزمة كازاخستان أكثر من رسالة إلى روسيا والصين.

من أوكرانيا إلى كازاخستان إلى ما بعدها، هل ستبقى الأمور متوقفة على ثورات ملونة هنا وتهديدات وحشد هناك، أو دخلنا مرحلة الأسباب المباشرة للحرب العالمية الثالثة، بانتظار إشعال شرارتها الأولى؟ وعندها، يتحدد من سيرقص على عرش الاقتصاد العالمي؛ الدولار أو الذهب!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى