Uncategorized

أقدم كوبرا عاشت في واحة الفيّوم المصرية قبل 37 مليون عام.. إليك التفاصيل

دراسة ذوات الدم البارد مهمة جدا لأنها تستكمل أحجية المناخ القديم، فارتباط هذه الحيوانات بالبيئة والمناخ كان كبيرا جدا، وبالتالي فإنها تعطي بالكشف عنها صورة أدق عن مناخ مصر ومحيطها في تلك الأزمنة.

تمكّن فريق بحثي دولي من الكشف عن مجموعة متنوعة من حفريات الزواحف التي عاشت في مصر قبل نحو 37 مليون سنة من الآن شمالي شرق بحيرة قارون في محافظة الفيوم المصرية، الأمر الذي يسهم في تحقيق فهم أدق لمناخ البلاد ومحيطها في ذلك الزمن السحيق.

وتقود هذه الدراسة، التي نشرت يوم 16 فبراير/شباط الجاري بدورية “جورنال أوف فيرتبرال بالينتولوجي” (Journal of Vertebrate Paleontology)، باحثة مصرية هي مروة الحارث، المعيدة بقسم علم الحيوان بجامعة الإسكندرية وعضوة مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية والمؤلفة الرئيسية للدراسة.

منذ وقت طويل، تهوى الحارث دراسة الزواحف، وتوافق هذا الاهتمام مع ندرة شـ.ـديدة في إنتاج البحث العلمي الخاص بفئة تسمى الحرشفيات في قارة أفريقيا، وهي الزواحف التي يحاط جسمها بالحراشف المنبثقة من طبقة الجلد الخارجي مثل الثعابين والسحالي، مما دفعها وفريقها للاهتمام بدراسة هذا النطاق.

وفي تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني، تقول الحارث “نهتم بشكل خاص في هذه الدراسة بنوع محدد من السحالي، وهو السحالي الدودية عديمة الأطراف، وكذلك الثعـ.ـابين الحديثة مثل الكوبرا المصرية والأفعى المقرّنة والأزرود والأفـ.ـاعي الجدارية والطريشة، وهي ذوات أنياب تعتمد في الافـ.ـتراس على الفـ.ـكوك، وليست عاصرة”.

كشف ثمين

وخلال عامي 2017 و2018 بدأت الحارث رحلتها مع فريق خاص بالدكتور هشام سلام، أستاذ الحفريات الفقّارية بالجامعة الأميركية وجامعة المنصورة، لدراسة مناطق متفرقة، كان منها محيط بحيرة قارون، وهناك وجد الفريق حفريات لثمان فقرات عظمية يتراوح طولها وعرضها بين عدة مليمترات إلى سنتيمتر واحد.

وبحسب الدراسة الجديدة، فقد تبيّن بعد فحص دام عدة سنوات أن إحدى تلك الفقرات تشير إلى الجد الأكبر للثعـ.ـابين الحديثة، الذي يعد أقدم ثعـ.ـبان من هذه المجموعة في القارة الأفريقية كلها.

كشفت الدراسة كذلك عن وجود ثعـ.ـبان آخر لا يقل أهمية هو “الرنينوتت”، وسمي بذلك نسبة إلى إلهة التغذية والحصاد عند قدماء المصريين التي كانت تمتلك رأس كوبرا، وكانت الكوبرا توضع على تاج الملك لحمـ.ـايته.

إلى جانب هذين الثعـ.ـبانين، سجلت الدراسة أيضا رصد أكبر وأضخم سحلية دودية في التاريخ، على المستوى الأحفوري وعلى مستوى الحيوانات المعاصرة، بحجم قد يصل إلى ضعف سحالى البايبيدز الضخمة التي تعيش في أفريقيا وآسيا الآن.

وتقول مروة الحارث في تصريح للجزيرة نت “الجد الأكبر لحفريات الثعـ.ـابين الذي وُجد في مصر قبل 37 مليون سنة وُجد كذلك في الهند قبل 54 مليون سنة”، في إشارة إلى تواصل ربما قد حدث بين آسيا (تحديدا الهند) وأفريقيا خلال تلك الفترة.

هجرات سحيقة

وتستنتج الدراسة أن ذلك يعني حالات هجرة لأسلاف الثعـ.ـابين بدأت من الهند ووصلت إلى مصر، تقول الحارث إن الهجرة قد حـ.ـدثت عبر الغابات العائمة، أي أن جزءا من غابة ما في أحد شطآن الهند انفصل بما يحتويه من حيوانات وأي صور للحياة وجرى مع المياه إلى منطقة أخرى، فعاشت بها تلك الحيوانات.

“سجلت هذه الفكرة من قبل لانتقال الثـ.ـدييات، لكننا نعرف أن الزواحف تتـ.ـأثر جدا بالمناخ، بل إن درجة واحدة مئوية كفيلة بإحـ.ـداث انهـ.ـيار في حياتها، لذلك لم يكن البحث العلمي السابق يتصور حـ.ـدوث هذه الهجرات بالنسبة للزواحف، لكن دراستنا في أكثر من كشف ترجح حـ.ـدوثها”، تضيف الحارث.

وبشكل عام، بحسب الدراسة الجديدة، فإن دراسة ذوات الدم البارد مهمة جدا لأنها تستكمل أحجية المناخ القديم، لأن ارتباط هذه الحيوانات بالبيئة والمناخ كان كبيرا جدا، وبالتالي فإنها تعطي بالكشف عنها صورة أدق عن مناخ مصر ومحيطها في تلك الأزمنة.

وتأمل الحارث وفريقها أن يستمر ما بدؤوه في دراسة تلك الحفريات النادرة للزواحف، ويأتي يوم وتتكون شجرة مصرية للحفريات من هذا النوع تشرح تاريخها في تلك المنطقة الزاخرة بخيرات الطبيعة من العالم، الأمر الذي يساعدنا في فهم أفضل لبيئات الحياة في تلك الفترات السحيقة، وهو أيضا ما سيفيدنا بالتبعية في فهم مستقبل هذا الكوكب!

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى