Uncategorized

أم نور لاجئة سورية نجحت في تحدي الحـ.ـرب لتصل إلى معارض لندن!

أم نور أو رودة عبد الكافي لاجئة سورية وامرأة تحدت قسـ.ـوة الحياة والحـ.ـرب والنـ.ـزوح وصممت على التغيير وتحدي الواقع وروت لنا قصتها من البدايات، حيث بدأت كلامها بقولها:

كان حلمي أن أكون صحفية وكان الجميع يأخذ الأمر باستهـ.ـزاء وسخـ.ـرية، مرت الأيام وتزوجت بعمر صغير كأي امرأة في حمص حملت وأنجبت وربيت بناتي، كانت القوانين مجـ.ـحفة بحقي لا تعليم لا عمل ولا مـ.ـصدر رزق ودون أي شيء، فكل شيء كان ممنـ.ـوعا بالنسبة لنا .

وتابعت: مرت السنوات على هذا الحال حتى عام 2011 مع انطـ.ـلاقة الثـ.ـورة السورية وبدء الحـ.ـرب والقصـ.ـف والمـ.ـوت، كنتُ منفصلة عن زوجي وفجأة وجـ.ـدت نفسي لوحدي وأحمـ.ـل مسؤولية بناتي الخمس دون معيل وأهـ.ـرب بهن داخـ.ـل سوريا من مكـ.ـان إلى آخر خـ.ـوفا من القصـ.ـف والحـ.ـرب والد.مـ.ـار ورائحـ.ـة المـ.ـوت تحصـ.ـد أرواح كل من حـ.ـولنا.

اضطـ.ـررت للاستقرار في ريف دمشق في القلمون فترة من الزمن، ثم مع اشـ.ـتداد القصف على القلمون اضطـ.ـررت للهـ.ـرب مع بناتي إلى منطـ.ـقة أخرى أكثر أمـ.ـنا، فلم يكن أمامنا سوى لبنان، كنتُ من آخر العوائل التي غادرت القلمون، كانت الجموع الهـ.ـاربة تتـ.ـكدس على الطريق الواصل إلى لبنان، كان يوما مـ.ـريبا فعلا وكأنه يوم الحشـ.ـر، ثم بدأت أسمع صوتا يقول: (سـ.ـاعدوا النـ.ـازحين) ثم ظـ.ـهر شخـ.ـص بين الجمـ.ـوع يوزع علينا عبوات الماء، حينها عرفت أنني أصبـ.ـحت على الأراضي اللبنانية، كنتُ حزينة وفرحة معا، كنت فرحة لإنني نجـ.ـوت من المـ.ـوت مع بناتي وحزيـ.ـنة لإنهم وصـ.ـموني بوصـ.ـم النـ.ـازحة وكأنني أصـ.ـبحت بلا هـ.ـوية..

بعد فترة بدأت أحصـ.ـل على أوراق رسمـ.ـية بديلة عن الأوراق السـ.ـورية، كانت أوراقا من الأمم المتحدة..

لم أستطع الاستقرار في عرسال، فقررت الخـ.ـروج نحو شتورا ثم برالياس لأجد عددا هائلا من المخيمات وكان علي أن أختار واحدا منها وأن انتظر مساعدة أو سلة غذائية لأعيش، كانت عيشة مليـ.ـئة بالقـ.ـهر والذ ل، وكان الألـ.ـم ينـ.ـخر قلـ.ـبي..

الحـ.ـزن لن يغير شيئا، صبـ.ـرت وتصـ.ـالحت مع واقعي، هذا الواقع الذي فُـ.ـرض علي والذي حـ.ـملت فيه مسؤولية أكبـ.ـر منـ.ـي، وخصوصا أنني كنتُ منفـ.ـصلة عن زوجي، والجميع يعلم ما معنـ.ـى امرأة منفـ.ـصلة ونـ.ـازحة وأماً بلا معيـ.ـل أو عمل..

في أحد الأيام لفتت انـ.ـتباهي ابنتي ضحى (13عاما) وهي ترسم والتي كانت السبب الرئيسي في تغيير حياتي، كانت ضحى ترسم بشكل جميل جدا وفي ذلك الوقت لم يكن يوجد مدارس للأطفال السورين الـ.ـنازحين، كانت تستـ.ـقبلهم المدارس اللبنانية بعد الظهر للنـ.ـشاطات الترفيهية فقط، يومها راودتـ.ـني فكرة كانت مجنـ.ـونة بالنسبة لأهـ.ـالي المخـ.ـم وهي أن أقيـ.ـم معرضا لرسـ.ـومات أطفال المخيم…

كنتُ أكره ضعـ.ـفي وضـ.ـعف الأهالي وخصـ.ـوصا النساء حولي، فقد كنا نجـ.ـهل أبسـ.ـط حقـ.ـوقنا، فعلا يومها طرحت الفكـ.ـرة على ابنتي ضحى التي تجاوبت معي بسرعة وجمعت لي عشرة أطفال من المخيم في عشر دقائق، وكانت أول مشكلة تواجهنا هي نقص المواد، فلا يوجد أقلام تلوين كافية ولا أوراق ولا نقود حتى لنشتري ما يلزمنا… يومها اكتفينا بمواد قليلة وبسيطة جدا وبدأ الأطفال يرسمون ويعيرون الأقلام لبعضهم مما خلق جوا من الالفة والمحبة بينهم، وحددنا أوقاتا للرسم والتدريب وتقييم الرسومات ثم بدأنا بتعليمهم بعض الأغاني والأشعار، وعملنا بجد حتى استطعنا تحديد موعد لمعرض رسوم الأطفال داخل المخيم في 15* تموز * 2015.

وما إن علمت إدارة المخيم بنيتي في إنشاء معرض رسوم الاطفال حتى أرسلت بطلبي لتعلمني أنه لا يمكن إقامة المعرض دون إذن وتصـ.ـريح رسمي منهم وعليه منعتـ.ـني من إقامة معـ.ـرضي، في الواقع كانت صـ.ـد.مة وخـ.ـذلانا جديدا يضاف إلى قائمتي لكنني رفـ.ـضت الاسـ.ـتسلام وذهبت إلى مكتبـ.ـهم في شتورا وبعد نقاش وجـ.ـدال طويل وافـ.ـقوا على إقامة المعرض بشرط أن يكون تحـ.ـت إشرافهم وكانت مفـ.ـاجأتي عندما رأيت الإعـ.ـلان الذي كتبوا فيه: (إدارة الابرار تدعـ.ـوكم لحضـ.ـور معرض للأطفال في ساحة المخيم) ونسـ.ـفوا كل تعـ.ـبي وتدريبي الذي عملت عليه ليال وشـ.ـهور مع أطفال المخيم، مع العلم أنني استـ.ـطعت أن أجمع هدايا لأطـ.ـفال المخيم بقيـ.ـمة ألف دولار وقتها بمساعدة سـ.ـيدة لبنانية كنت أعمل معها في محل للأحـ.ـذية حيث دعمت هذه السيـ.ـدة فكرتي ومشـ.ـروعي وعرفـ.ـتني على كثير من معـ.ـارفها ممن سـ.ـاعدوني في تأمين الهـ.ـدايا للأطفال.

فعلا أقيم المعرض ولاقى نجاحا كبيرا مما دفعني للبـ.ـكاء بشدة حيث تم تجـ.ـاهلي ولم يُذكر اسمي ولم يـ.ـنوه لعملي وفكـ.ـرتي ومشـ.ـروعي الذي بذلت فيه كل ماعندي، يومها التزمت الصمت وكأن الحياة ترفـ.ـض أن تنصـ.ـفني حتى جاءني هاتف من إحدى المحـ.ـطات اللبنانية تسألني عن المعـ.ـرض الذي أقيم منذ عدة أيام وتطـ.ـلب مني لقاء صـ.ـحفيا للحديث حول الموضوع، يومها أصـ.ـابتني سعادة فظيـ.ـعة وكتبوا عن مشـ.ـروعي وشجعوني بشدة وأطلقوا مبادرتي وسموها: (ولادة من رحـ.ـم النـ.ـزوح).

منذ ذلك اليوم جعلت عبارة (ولادة من رحـ.ـم النـ.ـزوح) عنوانا أمشي تحت ظله واهتدي به لأقف على أرض ثابتة وانطلق منها، فرؤيتي للفرح المتطـ.ـاير من عيون الأطفال ذلك اليوم لا أنساه أبدا، حتى أنني قررت أن أتابع مشروعي وأن أنشئ معرضا آخر، وبعد شهرين استطعت ترتيب أموري بشكل أفضل وخرجت من سيطرة إدارة المخيم وقمت بأخذ إذن من ساحة مدرسة قريبة على مخـ.ـيمنا لأتمكن من إقامة معرضي الثاني فيها وفعلا حصلت على الموافقة، يومها بدأت أنشر عن معرضي الثاني عبر الفيسبوك حتى تواصـ.ـلت مع أحد الصحـ.ـفيين لينقل فعـ.ـاليات معـ.ـرضي وهو بدروه تحمس للفكرة وشجعني أيضا وكتب مقالا عن هذا المعرض ولم يكن يتوقع أيا منا ان يصل هذا المقال إلى أوساط عالمية.

حيث قرأ شاب مقيم في بريطانيا مقال الصحفي وعليه طلب رقمي للتواصل معي وطلب مني أن أقيم معرضا ثالثا لكن هذه المرة ليس في ساحة المخيم ولا في ساحة المدرسة وإنما في لندن!! يومها كانت سعادتي لا توصف ودربت الأطفال مجددا ورسمنا لوحات جديدة وقمنا بإرسالها إلى الشاب المقيم في بريطانيا ليقام أول معرض لنا في لندن وذهب عائد لوحاته بالكامل لأطفال المخيم.

هذه التفاصيل لا أنساها أبدا، وتابعنا بمعرض ثاني وثالت ورابع حتى كتبنا كتابا بمساعدة الأطفال باسم ((من سورية مع الحب))، تحدثوا فيه عن أحلامهم وأمنياتهم وبيعت منه 1500 نسخة.

وتنقلت معارضنا لعدة دول أهمها فرنسا والمانيا وجامعة هارفرد وكامبردج ونيويورك والمتحف الوطني في لندن.

المعارض التي أقمتها فتحت لي آفاقا كثيرة منها الإعلام، ففجأة وجدت نفسي في لقاءات عدة على شاشات محطات تلفزيونية كثيرة لأتحدث عن النشاطات التي نقوم بها، كنا دائما ننسق لحملة نسميها (فرحة العيد) وهي عبارة عن شراء ألبسة وأحذية لأطفال المخيم عند قدوم العيد، للحظة شعرت أنني بدأت أحقق حلم طفولتي بشكل آخر.

كما عملت على تمكين نفسي كناشطة اجتماعية ومدنية لدعم حقوق المرأة، حيث تطوعت مع عدة منظمات نسوية في لبنان ساعدتني ودعمتني في تنسيق ورشات عمل حول الجندر والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وبدأت بحضور مؤتمرات لدعم السيدات في صناعة القرار وتمكينها سياسيا وشاركت في عدة برامج.

واستطعت الفوز بالمركز الثالت على مستوى سوريا بمسابقة صناع التغيير لعام 2018 و في عام 2020 استطعت الوصول للتصفيات النهائية في مسابقة المرأة العربية.

كما قمت بمبادرات فردية عديدة كانت آخرها مبادرة (سوا ربينا) التي توجهنا فيها إلى بيروت بعد انفـ.ـجار مرفأ بيـ.ـروت لتقديم الدعم، وقمنا بتـ.ـوزيع وجبات غذائية والمياه والكمامات للأشخاص المتضـ.ـررين.

وأخيرا قمنا بافتتاح مطبخ خيري في منزلي في البقاع بمساعدة عدد من الأيادي البيضاء (جيمس ونور) وأطلقنا عليه اسم (الفرن العظيم The Great Oven ) هذا المطبخ الذي انطلق في أيار 2020 نقدم فيه يوميا 70 وجبة مجانية لسبعين عائلة منذ ثلاثة أشهر تقريبا بشكل متواصل.

المصدر : أنا انسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى