ألمانيا

هل ستنهي الحكومة الألمانية الجديدة معاناة حاملي الحماية الثانوية؟

لم يدر بخلد المهاجرين قسرا إلى ألمانيا أن ثمة إقامات متنوعة، بل كان همهم الوصول إلى بلد آمن بعد أن هجّروا من ديارهم وأغُلقت الحدود دونهم.

موجة اللجوء خلال السنوات الماضية أظهرت قصورا في قوانين الهجرة بألمانيا، وعدم تحقيقها الهدف الأسمى إنسانيا، وهو عدم شعور اللاجئ بالتمييز لانتماء عرقي أو ديني، وكذلك مساعدته في الاندماج في المجتمع والتحاقه بسوق العمل، ومن ثم الحصول على جنسية البلد.

لكنّ تنوع الإقامات والعدد الكبير للاجئين أفرزا فئة مظلومة وهم الذين يتمتعون بحق الحماية الثانوية. فما هذا الحق؟ وهل ثمة أمل بحل المشكلات المتعلقة بهم؟

الحماية الثانوية


تُمنح الحماية الثانوية للذين لم يتم قبول طلبات لجوئهم، وتكون لمدة سنة واحدة، يتم تجديدها لمن يثبت أنّ ثمة خطرا ينتظره في بلاده، وبعد 5 سنوات يحقّ للمستفيد من الحماية الثانوية الحصول على الإقامة الدائمة في حال استيفاء بعض الشروط، ولكن هذه الحماية لا تجيز لمن يتمتع بها الحصول على وثيقة سفر، ولا حق لمّ الشمل مع أفراد عائلته.

كذلك تشترط السلطات لتجديد الإقامة وجود جواز سفر ساري المدة، وهذه معاناة خاصة بالسوريين، إذ يضطر حاملها إلى التوجه لسفارة النظام والحصول على جواز سفر مدته سنتان ونصف السنة، وتبلغ قيمة الجواز غير المستعجل 250 يورو، والمستعجل 660 يورو، علاوة على ما يتعرض له المُراجع من استفزازات، وحالة الألم النفسي بدفعه مالا دعما لنظام فرّ من بطشه.

مخالفة لقوانين اللجوء


خبير القانون الدولي المصري الدكتور السيد مصطفى أبو الخير قال، في ردّه للجزيرة نت عن قانونية الحماية الثانوية، إن “الحماية الثانوية تحايل على حق اللجوء، وليست تصحيحا لاتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بحق اللجوء،

ومخالفة لسياسة الاتحاد الأوروبي في سياسة اللجوء 2004، وتعد هروبا من الالتزامات الملقاة على عاتق الدولة في منح حق اللجوء، فاللجوء ليس رخصة بيد الدول لمنحه، بل هو حق لمن توفرت فيه الشروط”.

وأضاف “اللجوء حق، والحق في القانون لا يملك حياله المشرّع سوى تنظيم كيفية الحصول عليه، وليس من حق الدول منعه أو إنقاصه، والحماية الثانوية فيها انتقاص من حقوق اللاجئ”.

مفارقات تدعو للألم
لا أحد يستطيع أن يعرف كيف تمّ منح إقامات اللجوء للمتقدمين بطلبات لجوئهم، ففي الأسرة الواحدة تجد الأب يتمتع بحق اللجوء الإنساني، والزوجة بالحماية الثانوية، هكذا ردّ سومر الصباغ على سؤال الجزيرة نت عن وضع إقامته المخالف لإقامة والدته وشقيقته،

وأضاف “عند اندلاع الثورة كنت طالبا في السنة الثالثة في جامعة حلب قسم الهندسة الميكانيكية، وأتيت إلى ألمانيا بعدما هربنا من بطش النظام الذي ذبح الأبرياء، وهربا من القصف العشوائي الذي كان يطال الجميع، وبعد رحلة موت استمرت أكثر من شهر،

وصلنا ألمانيا يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أنا ووالدتي العاجزة وشقيقتي الكبرى، وبعد المكوث في دور اللجوء لنحو سنة و8 أشهر حصلنا على تصريح إقامة لثلاث سنوات لوالدتي وشقيقتي، في حين حصلت على حماية مؤقتة لمدة سنة، هذا الأمر منعني من كل حقوقي بوصفي لاجئا، فما عدت قادرا على السفر أو التحرك أو أن أتقدم بلمّ شمل لخطيبتي”.

لابد من قوانين تساوي بين اللاجئين
مدير المنظمة العربية لحقوق الإنسان محمد كاظم هنداوي قال للجزيرة نت إن “أهم مشاكل حاملي الحماية الثانوية أنهم يشعرون بظلم كبير لعدم مساواتهم بمن يحملون حقّ اللجوء، وللأسف هناك من يحمل صفة لاجئ وهم ليسوا هاربين من بطش النظام، ولا بدّ من قوانين جديدة تراعي وضع هؤلاء، والعمل على إلغاء صفة الحماية،

فثمة معاناة تقع على عاتق حامليها، مثل المطالبة بتجديد جوازات السفر السورية كشرط من أجل تمديد الحماية الثانوية، وإذا لم يتم تنفيذ هذا المطلب قد يتعرض اللاجئ إلى عقوبة مادية تصل في بعض الأحيان إلى 6 آلاف يورو، وهذا يؤدي لصعوبة الحصول على الإقامة الدائمة والجنسية الألمانية في المستقبل”.

مبشرات على إنهاء معاناة حملة الحماية الثانوية
الحكومة الألمانية الجديدة يبدو أنّها تعمل على إنهاء مشكلات اللاجئين، والعمل على دمجهم بالمجتمع الألماني، وثمة وعود قطعها المستشار الجديد أولاف شولتز بثت الأمل في نفوس اللاجئين كافة وفي القلب منهم حاملو الحماية الثانوية.

إبراهيم الحمش موظف الحماية في منشنغلادباخ، وهو ألماني من أصل سوري، أوضح للجزيرة نت من خلال تجربته الشخصية أن حلّ مشكلة حامل الإقامة الثانوية يبدأ من الشخص نفسه قبل أن ينتظر تطوير القوانين، إذ يذكر أنّه حضر إلى ألمانيا في 2012 وظل يحمل الحماية الثانوية، ولكنها لم تشكّل عائقا نفسيا له حتى حصل على الجنسية الألمانية.

وقال الحمش “منذ عام 2012 وحتى اليوم تباين تعامل الدولة الألمانية مع مقدمي طلبات اللجوء، فكلما ازدادت موجة اللاجئين، ازدادت سرعة اتخاذ القرارات وزاد التساهل في منح صفة اللجوء،

فبعد أن كان البت في طلب اللجوء في العقود السابقة يستغرق فترة قد تتجاوز العامين في بعض الأحيان، أصبح البت في مسألة اللجوء قد يستغرق فترة قد لا تتجاوز الأسبوعين من تاريخ تقديم الطلب”.

وأضاف “تؤثر العديد من العوامل في التشريعات الألمانية تجاه اللاجئين، والحكومة الألمانية في العموم تتعلم من دروس الماضي، وتحرص على دمج اللاجئين في سوق العمل، فبعد الموافقة على طلب اللجوء، يُرسل اللاجئ الى دورة لغة واندماج، ثم تساعده الدولة في ترجمة شهادته ووثائقه، ويرسل إلى تدريب مهني إلى سوق العمل حسب تخصصه”.

المصدر : الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى